دعم الابتكار لتعزيز النمو في طليعة مسؤوليات الحكومات
في محاضرة ألقتها في معهد «أميريكان انتربرايز» بتاريخ 3 نيسان (أبريل) عن «تنشيط نمو الإنتاجية»، أشارت مديرة صندوق النقد الدولي كرستين لاغارد إلى أن وجود الحكومات هو لخدمة المواطنين ودعم النمو الاقتصادي الذي يرفع دخل جميع المواطنين. وأكدت أن نمو الإنتاجية هو جزء مهم من دعم النمو لأنه مصدر مهم لارتفاع الدخل وتزايد مستوى المعيشة في المدى الطويل. ويمكن تعليل العلاقة الطردية بين النمو الاقتصادي ونمو الانتاجية بالقول إن الثاني يساعد على نمو «كعكة» الاقتصاد وبالتالي على حصة اكبر منها لكل فرد، تساهم بشدة لأي تحسين نمط حياته وسعادته. وواقع البيانات المتوافرة في شكل عام يشير إلى أن البلايين من الناس أصبحوا يتمتعون بحياة أطول وأحسن صحة وأكثر سعادة في العقدين الأخيرين بسبب استغلال قوة الإنتاجية.
ولكن يبدو، وفقاً لصندوق النقد الدولي، أن الإنتاجية تباطأت في السنوات الأخيرة وألقت بظلالها على النمو الاقتصادي و بالتالي على حصة الفرد من الاقتصاد. فمنذ الأزمة الاقتصادية العالمية، وتحديداً منذ العام 2007، انخفض نموالانتاجية الكلية لعوامل الانتاج في الاقتصادات المتقدمة من نحو واحد في المئة إلى نحو 3 في الألف. وشهد الكثير من الاقتصادات الصاعدة والنامية انخفاض نمو الانتاجية الكلية بين العامين 2007 و 2015. ففي الصين انخفضت من 5.6 في المئة إلى انكماش بنسبة 1.3 في المئة. وفي اليابان من 0.9 في المئة إلى انكماش 0.1 في المئة، وفي سنغافورة من 2.3 في المئة إلى انكماش 1 في المئة، وفي كوريا الجنوبية من 3.5 في المئة إلى انكماش 1 في المئة، وفي روسيا الفيديرالية من 6.1 في المئة إلى انكماش بنسبة 4 في المئة. أما في بعض الاقتصادات العربية، فإن وضع الانتاجية الكلية لعوامل الانتاج حسب البيانات المتاحة ما زال رديئاً على رغم التحسن الذي شهده بين العامين 2007 و2015. ففي الكويت انخفض من 0.6 في المئة عام 2007 إلى انكماس بنسبة 4.1 في المئة، وفي سلطنة عمان من 3.9 في المئة إلى 3.4 في المئة، وفي السعودية من انكماش بنسبة 6.4 في المئة إلى انكماش بنسبة 1.7 في المئة، وفي الإمارات من 3.9 في المئة إلى انكماش بسيط بنسبة 0.2 في المئة. هذه البيانات تشير إلى أن النمو الاقتصادي (على اساس الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي) في بعض البلدان العربية كان يمكن أن يكون أعلى مما تحقق فعلياً لو أن الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج نمت بدلاً من الانكماش، ولو تحقق نمو الإنتاجية لكان نصيب الفرد من الاقتصاد أكبر وكان مزاجه إيجابياً.
السؤال الذي لا بد من طرحه هو: ما هي أسباب انخفاض نمو الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج؟ التعليل الذي يقدمه صندوق النقد الدولي في أدبياته يرتكز على ثلاثة عوامل هي: شيخوخة السكان وتباطؤ التجارة الدولية وإرث الأزمة الاقتصادية العالمية التي أعقبت انهيار مصرف «ليمان براذرز» في أيلول (سبتمبر) 2008. فشيخوخة السكان تؤثر في كسب المهارات التي هي أساس الابتكار والإنتاجية، إذ بعد سن معين يصبح اكتساب المهارات غير متاح أو بطيئاً، والتباطؤ في التجارة العالمية أدى إلى انخفاض الاستثمارات في التكنولوجيا الجديدة، كما أن الميل نحو الحمائية قلل من نمو التجارة والاستثمارات. أما إرث الأزمة المالية العالمية فما زال يلقي بظلاله على الاقتصاد العالمي، إذ ترك الركود العميق الذي شهده ندوباً دائمة على الانتاجية الكلية لعوامل الانتاج. والسؤال الذي لا بد من إثارته في هذا المجال هو: ما العمل لإعادة تنشيط نمو الإنتاجية الكلية؟
يبـــدو أن الحاجة ماسة لمزيد من الابتكار، ولكن قـــوى السوق وحدها لن تتمكن من تحقيق ذلك لأن الابتكار والاختراعات سلع عامة. وتوصية صندوق النـــد الدولي في هذا المجال مهمة ونأمل بالنظر فيها مــــن قبل المسؤولين وتبنيها وفقاً لوضع كل دولة والتوصية هي: «إننا فــي صندوق النقد الدولي نعتـــقد أن على جميع الحكومات أن تفعل المزيد من أجــــل إطـــلاق العــنان للطاقة الريادية. ويمكنها تحقــــيق ذلك من خلال إزالة الحواجز غير الضرورية أمام المـــنافسة، وقطع الروتين، والاستثمار في التعلــيم، وتوفـير حوافز ضريبية للبحث والتطوير».
الحياة 2017-05-17
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews