الأهلى والهند وكرة القدم

غرام الهند بكرة القدم ليس من الحكايات التى تتكرر كثيرا فى زماننا.. فقد أصبحنا فجأة أمام دولة كبرى وقوية وناجحة سياسيا واقتصاديا، وبدأت أخيرا تفتش لها عن مكان فى عالم كرة القدم.. وبالتالى بدأت تتوالى أخبار تجمع بين الهند وكرة القدم.. فقد تقدمت الهند فى تصنيف الفيفا لتصبح الدولة الكروية رقم مائة وواحد فى العالم، والدولة الحادية عشرة فى آسيا.. ولاتزال تتواصل استعدادات الهند لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم تحت 17 سنة.. أول بطولة كروية دولية تستضيفها الهند فى تاريخها، وأول شراكة تجمع بين الهند والفيفا، وأول مرة تلعب فيها الهند نهائيات إحدى بطولات الفيفا.. ومؤخرا زار وفد الفيفا الهند وتفقد الملاعب الستة التى ستستضيف كأس العالم الذى ستنطلق مبارياته فى شهر أكتوبر فى مدينة بومباى، أما النهائى فسيقام فى مدينة كلكتا.. ورغم ذلك فالحكاية بالنسبة للهند باتت وتبقى أكبر كثيرا من مجرد استضافة هذه البطولة..

فالهند قررت أن تلعب وأن تحب كرة القدم.. قررت أيضا أن تستخدم كرة القدم من أجل صورتها وطموحاتها ومكانتها وحساباتها سياسيا واقتصاديا وإعلاميا.. وكانت للهند حساباتها العربية فى هذا الشأن.. واختارت الهند مدينتين عربيتين تذهب إليهما عاشقة لكرة القدم.. المدينة الأولى كانت القاهرة، التى استقبلت هذا الأسبوع منتخب الهند للناشئين، الذى لعب أمام النادى الأهلى، وأضيفت فى الترتيبات الأخيرة مباراة ثانية أمام سموحة.. أما المدينة الثانية فكانت دبى، التى ستذهب إليها الهند الشهر المقبل، ولكن ليس بفريق لكرة القدم، إنما بفريق من نجوم السينما الهندية.. كابور وموريا وسينج وسوراج وساشين ونجوم كثيرون غيرهم، وسيقود هذا الفريق فى الملعب النجم الكبير سليمان خان.. والفريق الآخر فى هذه المباراة سيكون منتخب مدينة دبى، الذى سيختار لاعبيه مجلس دبى الرياضى.. فالمسؤولون الهنود أدركوا الفارق بين اللعب فى القاهرة واللعب فى دبى.. وإذا كانوا اختاروا نجومها الكبار فى عالم السينما المعروفين تماما فى فضاءات دبى.. فإنهم أرسلوا للقاهرة منتخبهم الذى يواصل استعداداته لنهائيات كأس العالم.. واختاروا الأهلى بالتحديد.. فالسفير الهندى فى القاهرة.. سانجاى باتاتشاريا.. وهو دبلوماسى قدير وصديق قديم.. أدرك منذ البداية أنه لو أقيمت المباراة بين منتخب الهند ومنتخب مصر للناشئين فستغدو مجرد مباراة أخرى عادية لكرة القدم..

أما حين يلعب منتخب الهند أمام النادى الأهلى فقد تختلف الصورة ويكون الاهتمام والانتباه.. فالهند أرادت اسم الأهلى وشعبيته ومكانته المصرية والعربية والأفريقية.. وإذا كان سانجاى باتاتشاريا قد أكد بمنتهى الدبلوماسية الراقية أنه أحد مشجعى الأهلى.. وأن هذه المباراة هى احتفال بالذكرى السبعين لاستقلال الهند، وأيضا سبعين سنة عمر الصداقة المصرية- الهندية.. فإن الحكاية كلها أكبر وأعمق من مجرد لعب واحتفال.. إنما هى سياسة رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودى، وأحد أشهر قادة العالم المؤمنين بدبلوماسية كرة القدم.. ورؤية سفير هندى فى القاهرة يدرك الدور الذى يمكن أن تلعبه كرة القدم من أجل الهند ومصالحها وأهلها.

المصري اليوم 2017-04-24