ترامب وبوتين .. ماذا ينتظر المنطقة والعالم ؟
عندما قال مذيع قناة فوكس الأمريكية لترامب إن بوتين قاتل ، لم يشأ الرئيس الأمريكي أن يجيب بنعم ، واكتفى بقوله : " القتلة كثيرون " .
وفي الجانب المقابل ، فإنه وبرغم الأزمة المنظورة بين موسكو وواشنطن إلا أن بوتين لم يتطرق بالمطلق إلى ترامب بشكل شخصي واكتفى بالحديث عن سياسات عامة .
هناك بين الطرفين حالة شهيق وزفير بدون الوصول إلى درجة انقطاع الأنفاس ، وهي حالة كشفتها الأحداث الأخيرة ، ومن غير المحتمل انتهاؤها قبل مضي وقت كاف يدرك الطرفان فيه أنهما مختلفان فعلا وأن ما يفرقهما أكثر مما يجمعهما أو العكس .
لقد حرص الروس الذين جمعوا وزيري خارجية إيران والنظام السوري أن لا تخرج في المؤتمر الصحفي أي كلمة تتحدى واشنطن أو تعلق على رئيس تنمر فقصف المطار ، وتأسد فأحرق واديا في أفغانسان مستخدما " أم القنابل " في رسالة لطهران وبيونج يانج.
ولأن الواقع يكشف خيوط المستقبل ،فقد كان بإمكان الأمريكان تدمير أنفاق داعش بدون اي ضجة إعلامية ، ولكن الرسائل أرسلت ووصلت ، وكفى .
لقد كان متوقعا ، بل مؤكدا لدى دوائر الأستخبارات الأمريكية والغربية أن كوريا الشمالية ستقوم بتجربة نووية سادسة في ذكرى مؤسس الدولة صباح السبت ، وهو ما دفع ترامب لإرسال حاملة طائراته النووية ، وقد حققت أهدافها بالفعل ، إذ استعرض الزعيم الكوري صواريخه العابرة للقارات ولم يقم بتجربة نووية باستثناء تهديدات بـ " تدمير الأعداء " .
قلنا ذات مقال : إن العصا الأمريكية الغليظة تؤتي أكلها حتى مع الروس ، وبالإمكان استخدامها لتحقيق مصالح استراتيجية أو أهداف تكتيكية و تكتيكيةأ للولايات المتحدة سواء بالإتفاق معهم ، وإلا فبدونهم كما وقع في الشعيرات ، وما هو مطلوب من بوتين هو إدراك حقيقة أن هناك لاعبين آخرين في حديقته الخلفية " سوريا " وغيرها ،وما عليه سوى كبح جماح إيران التي تنافسه ، تماما كما هو المطلوب من الصين كبح حليفها الكوري والذي عليه التصرف منذ الآن فصاعدا بحكمة أكثر ، ولقد رأينا في هذه الأزمة ، أن الآية انقلبت رأسا على عقب ، إذ بدا ترامب متهورا ، وكيم جونغ أون حكيما دون أن ينزع القفازات عن يديه بتجربة صاروحية فاشلة جاءت كتعبير عن الذات لا اكثر ، تلكما اللتان قد يتم قطعهما إن هددتا عملا لا قولا مصالح واشنطن في المنطقة ، فما بالكم بالأراضي الأمريكية التي سيكون وصول أي صاروخ إليها سببا في محو كوريا عن الخريطة ، فالأمريكان لا أخلاق لهم في الحروب ، وهم أنفسهم من أزهقوا في اليابان التي يدافعون عنها الآن مئات آلاف الأرواح ، وفي كوريا نفسها الملايين ، ومستعدون بالتأكيد لإزهاق المزيد .
لقد قالها ترامب : إن على الروس الإختيار بين التعاون مع واشنطن ، أو مع أعدائها ، وأجاب بوتين بأنه لا يتلقى مثل هكذا خيارات لأنه دولة عظمى ، ولديه هو الآخر قوة وأذرع طويلة شديدة البأس ، ولا نفهم من ترامب مجمل العلاقة بالطبع ، بل ما يتصل منها بأبرز الملفات ذات الخلاف .
الكل ينتظر .. ولكن أي اختراق واحد ووحيد لخطوط ترامب الحمراء و" كسر " لأي تهديدات يطلقها بحيث يقول ولا يفعل ، مرة واحدة فقط ، حينها سيتنفس الروس والصينيون والإيرانيون والكوريون وغيرهم الصعداء ، لأنه - آنذاك - سيكون مثل سلفه الضعيف والمتردد .
إن العلاقات الروسية - الأمريكية ستظل متواصلة ومتصلة ، لأن أيا من الدولتين لا غنى لها عن الأخرى في تسوية أي من الملفات ، هكذا تقول طبائع الأشياء ، فما بالك بطبائع الدول ..
نقصد الدول العظمى طبعا .
د.فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews