العولمة .. مع ارتفاع الأسعار أم ضدها؟
جي بي سي نيوز:- المقصود العولمة التجارية، وتعني انفتاح الدول على بعضها وتسهيل إجراءات التصدير والاستيراد. وارتفاع الأسعار المستمر يسمى فنيا التضخم.
استبشرنا بانضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية قبل 12 عاما على أساس أنها خطوة تزيد المنافسة وتعمل على خفض الأسعار للمستهلكين. لأن من أهم أسباب قيام المنظمة تخفيف عوائق انتقال البضائع بين الدول، أو ما يعبر عنه أحيانا بعولمة الأسواق. كانت هذه الصورة تميل إلى الصحة في السنوات الثلاث الأولى لانضمام المملكة، ولكن سنوات العسل قد انتهت، والمسألة أخذت مسارا عكسيا بعد ذلك، بأن زادت معدلات التضخم عالميا.
خلال السنوات القليلة (نحو ثلاث) قبل أو بعد الانضمام، كانت معدلات التضخم عالميا منخفضة نسبيا، بل كانت أقل من حيث المتوسط من المعدلات المسجلة في دول الخليج. كان معدل التضخم العالمي شبه ثابت خلال الفترة 2002 - 2007، ويدور حول نسبة 3 إلى 3.5 في المائة، وقد كان أعلى من ذلك كثيرا خلال عقد التسعينيات، بعكس الوضع في المملكة، وبقية دول مجلس التعاون الخليجي.
المصدر: موقع الاحتياطي الفيدرالي (الفد) الأمريكي، فرع كليفلاند
http://www.clevelandfed.org/research/inflation/world-Inflation/aggregates.cfm
كان يرى أن العولمة ستسهم بقوة في خفض التضخم خاصة في الدول المعتمدة على الاستيراد، لكن الكلام السابق يفهم منه أن التضخم لدينا في المملكة وبقية دول الخليج مصدره محلي أكثر من أنه عالمي، وهذا خلاف رأي من يهمشون تأثير العوامل الداخلية في الأسعار والتضخم، خاصة سياسات المالية العامة أقصد الإنفاق الحكومي، وسياسات تسهيل قيود أو تحفيز الاستثمار الخاص، التي زادت مع انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية.
تبعا، ظهر كثير من أهل العلم في هذا الأمر الذين يقولون إن من المحتمل أن العولمة لم تعد مصدرا لخفض الأسعار، كما كان ينظر إليها في الماضي.
أحد التفسيرات أن العولمة غيرت في العلاقة بين الإنتاج والتضخم. زيادة الإنتاج تعني حصول ازدهار اقتصادي، وهذا بدوره يدفع إلى ارتفاع الأسعار. لكن الازدهار يقلل من الحاجة إلى سياسة نقدية تقوم على زيادة السيولة (إصدار البنك المركزي مزيدا من النقود) لتحفيز الاقتصاد. وتقليل زيادة السيولة يضغط على الأسعار، يعني يقلل من قوة التضخم. لكن هذه المسألة ممكن مناقشتها بصورة عكسية: يلاحظ أن تأثير الازدهار في التضخم أقل مما كان قبل 30 عاما، ومن أهم أسباب ذلك زيادة العولمة. ومن ثم يشتد النقاش في أيهما أقوى تأثيرا في مستوى الأسعار: الازدهار المحلي أم العولمة؟
وجزء من المشكلة الخلط بين مستوى الأسعار النسبي والمستوى العام للأسعار. الاستيراد من دول ذات أسعار أرخص كالصين والهند يزيد الفروق في سعر سلعة تنتج محليا وتستورد أيضا، لكنه لا يعني بالضرورة خفض معدل التضخم العام، لأن معدل التضخم مرتبط بكمية النقود والسيولة المتداولة في الاقتصاد.
وتشير الأوضاع في السنوات الأخيرة إلى أن حركة التضخم على المستوى العالمي مشتقة أو تتحرك ولو جزئيا من خلال السلع الخام والتجارة والمالية. تقول دراسات إن جزءا كبيرا من التضخم العالمي يعود إلى تحركات أسعار الطعام والطاقة وعلى رأسها النفط.
تعمل عولمة حركة التجارة العالمية على صناعة ديناميكية عالمية معقدة للتضخم. تظهر حركة العولمة من خلال سلاسل الإنتاج خارج حدودها وفروق الأجور، وهي موضوعات سعى إلى استغلالها لمصلحته الرئيس الأمريكي المنتخب ترمب. وتلك العولمة ساعدت على جعل تكاليف الاستيراد تشكل جزءا أكثر من تكاليف الإنتاج داخل الدول. طبعا هذه الزيادة، تعني زيادة في قوة المنافسة، التي بدورها تعني قوة أقل للمنشآت المحلية.
هناك نقطة أخرى زادت مع العولمة التقنية. حتى الخدمات صارت قابلة للاستيراد والتصدير أكثر من قبل. مثلا، نرى هذا واضحا في شركة اتصالات محلية لها مكاتب خدمة خارج المملكة للرد على عملائها. هذا النمط موجود في دول كثيرة كأمريكا. والسبب أن تشغيل هذه المكاتب خارج بلادها أرخص من التشغيل المحلي.
طبعا هناك الصورة العكسية. مع ضعف الطلب العالمي، تحصل للأسعار صورة عكسية: حركة هبوط في الأسعار. تعمل دول على قياس العلاقة بين الاثنين: نزول الطلب ومعدل التضخم الأساس على المستوى العالمي. ويعتمد تأثر أي اقتصاد وطني على حركة سعر الصرف. فالدول التي شهدت انخفاضا في سعر صرف عملاتها قد لا تشعر بأثر ضعف الطلب العالمي، أي لا تشعر بهبوط الأسعار عالميا. ويعتمد الأمر على أيهما أقوى تأثيرا هبوط الأسعار أم هبوط العملة؟
القنوات المالية. زيادة عولمة النظام المالي، عامل مؤثر في حركة التضخم العالمية والمحلية. ظهر ذلك جليا من خلال الأزمة المالية العالمية قبل بضع سنوات. تبسيط الظروف المالية في أسواق الإقراض خاصة بالدولار، يحفز على التوسع في حركة الإقراض العابرة للحدود، وربما يدفع عملات الدول المتسلمة لرأس المال إلى الارتفاع.
الاقتصادية 2017-01-17
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews