تأثير الخمر على صحة الإنسان.. وما الحكمة من تحريمها؟

جي بي سي نيوز:- الدين الإسلامي يحرم الخمر، وهذا المنع هو لحماية الإنسان، حاله حال جميع الأمور التي تم تحريمها. البعض يعتبر أن تحريم الخمر مرتبط فقط بواقع أنه يذهب بالعقول ويجعل الإنسان يتصرف بطريقة مهينة لا تليق به باعتباره بشراً، لكن الأسباب تتجاوز التخدير المؤقت للدماغ والتصرفات التي تقلل من قيمة الإنسان.

الدراسات خلال السنوات الماضية أثبتت أن للكحول تأثيره السلبي جداً في صحة الإنسان بشكل عام، فما الحكمة من تحريم الكحول؟

أمراض الكبد

أكدت دراسة صادرة عن منظمة الصحة العالمية عام ٢٠١٥ أن تناول الكحول -ولو بكميات قليلة- يرفع نسبة تليف الكبد بنسبة ١١،١٣٪. النتائج هذه مثيرة للاهتمام لكون جميع الدراسات السابقة ربطت بين أمراض الكبد والمعدلات المرتفعة لاستهلاك الكحول.

ويؤكد الخبراء أن تليف الكبد لا يرتبط بكمية المشروبات الكحولية ولا بنسبة تركيز الكحول فيها؛ لأن التليف يصيب الكبد بغض النظر عن الكمية حيث إن نسبة منخفضة جداً منه تضر بالكبد.

الكبد يعتبر أحد أهم مراكز إجراء العمليات الكيميائية الحيوية في الجسم، والمشروبات الكحولية هي الأكثر ضراراً على أنسجة الجسم حين تصل إلى الكبد بكميات كبيرة أو قليلة.

صحيح أن الكبد يملك القدرة على إعادة ترميم نفسه، لكن تكرار الأذى عليه يؤدي إلى فقدانه هذه القدرة. البداية تكون بالتهاب الكبد الكحولي، وقد تمتد الالتهابات إلى البنكرياس لاحقاً. ومع الاستمرار باستهلاك الكحول تتراكم الدهون على الكبد، وهي المراحل الأولى من تشمع الكبد.

وفي حال لم يتم التوقف والخضوع للعلاج الضروري فإن الشخص سيصل إلى مرحلة تشمع الكبد، وهو من الحالات التي لا يمكن علاجها إن لم يتم اكتشافها في مراحل مبكرة، والنهاية تكون بسرطان الكبد والموت.

الدماغ والجهاز العصبي

الكحول يؤدي إلى تقلص حجم الدماغ بنسبة ١٦٪ وكلما استمر الشخص باستهلاكها تقلص الحجم أكثر. كما إنه يضر بالذاكرة والقدرة على التعلم والمهارات التنظيمية. الضرر الدماغي ليس فقط بسبب التأثيرات السمية المباشرة، بل بسبب تأثيرات الكحول السلبية في الأعضاء الأخرى أيضاً.

الكحول يؤدي إلى الالتهاب العصبي، كما إنها تحدث تغيرات في مسارات الإشارة الدوبامنية والغلوتامينية في الدماغ، يضاف إلى ذلك تثبيط تخلق النسيج العصبي الحصيني من خلال إنقاص تكاثر الخلايا العصبية.

السكتات الدماغية من المخاطر أيضاً، وذلك بسبب تدني نسبة الدماء التي تتدفق إلى الدماغ، ما يعني أن كمية الأوكسجين تكون في أدنى مستوياتها. وبالطبع فإن التأثير المباشر للخمر هو ما يعرف بالسُّكْر الذي يفقد المرء القدرة على الحكم على الأمور بوضوح، ما يعرضه لمخاطر عديدة غالبيتها تؤدي إلى الموت.

الأمراض القلبية

ما تنفك الدراسات الغربية تؤكد أن الخمر بكميات معتدلة تحمي الصحة القلبية، لكن النتائج هذه لا يمكن الاستناد إليها خصوصاً أن عشرات الدراسات تؤكد العكس تماماً.

الكحول يتم نقله في الدم من دون أن يهضم كما هي حال الأغذية الأخرى؛ لذلك فهو يمر في كل الأعضاء؛ حتى يصبح الجسم قادراً على امتصاصه بسبب مجموعة من التفاعلات الكيميائية، لكن الضرر سبق له أن وقع.

استهلاك الكحول يضاعف نسبة الإصابة بالنوبات القلبية؛ وذلك بسبب التغيرات التي يحدثها في تركيبة الدم، ما يزيد من عملية التخثر بسبب ارتفاع عدد الصفائح الدموية، كما إنه يؤدي إلى اضطرابات في نبضات القلب، وهذا يؤثر بشكل مباشر في عضلة القلب، وبشكل غير مباشر في جميع الأعضاء المرتبطة بالجهاز الدموي.

تناول الكحول ولو مرة واحدة يؤثر سلباً في استقلاب الدهون والمعادن في القلب، ما يرفع مستويات الدهون في الدم في الحالة الأولى ويضاعف تركيز الصوديوم في الحالة الثانية، ما يؤدي إلى اختلالات وظيفية في القلب.

الجهاز التنفسي

أي استهلاك للكحول مهما كانت كميته يؤدي إلى صعوبة وضيق في التنفس ويسبب السعال المستمر، وكلما استمر الاستهلاك وقتاً أطول ارتفعت نسبة الإصابة بالسل؛ لأن الكحول يؤفر البيئة المثالية لتكاثر البكتيريا المسببة للمرض.

الخمر تخفض مستويات الفوسفات في الجسم، وهو العنصر الضروري لعضلات الرئتين، وعليه فإن استهلاكه يؤدي إلى إضعاف هذه العضلات.

الكحول والاكتئاب

الخمر تجعل الدماغ في حالة تخدير أحياناً مرحة وأحياناً غير مرحة، لكنها لا تحدث بفترات منفصلة بل بشكل متتالٍ. تأثير الكحول في المزاج معقد؛ فالتعاطي في بدايته يجعل الدماغ يفرز السيروتونين، وهو مادة ترفع منسوب السعادة، لكن ما يحدث لاحقاً هو انهيار مفاجئ وتام بمعدلات السيروتونين، وبالتالي ظهور حالات عصبية مماثلة تماماً لحالات انحطاط القوى والانهيار العصبي والاكتئاب والإعياء.

أضرار أخرى:

-التهابات الجهاز الهضمي؛ وذلك لأنه لا يمكن هضم الكحول بداية الأمر، ما يؤدي إلى تمدد عضلات المعدة وانتفاخ البطن وعسر الهضم وتقرحات المعدة وصولاً إلى الالتهابات في المعدة والأمعاء.

-استهلاك الخمر يؤدي إلى منع الجسم من امتصاص المواد الغذائية، وبالتالي نقص المواد البروتينية والفيتامينات والأملاح.

-البنكرياس قد يتحجر، كما إن الأمعاء والمستقيم يكونان عرضة للنزيف، ما يؤدي إلى التهابات في الفم والبلعوم والمعدة والأمعاء والأعصاب والدماغ والغدد الصماء، وكذلك الحواس مثل العين الأذن.

-شرب الخمر يؤثر سلباً في حيوية الجهاز التناسلي، كما إن الأولاد غالباً ما يصابون بعاهات مختلفة في أجسامهم.