كأس... «كل» العالم

سهيل الحويك

جي بي سي نيوز:- لم نكن نعتقد بأن موافقة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) على زيادة عدد المنتخبات في كأس العالم من 32 الى 48 تُوزَّع على 16 مجموعة من ثلاثة فرق بدءا من مونديال 2026، ستكون بهذه السهولة.

صحيح أن قناعات رئيس «الفيفا» السويسري جاني انفانتينو تنطلق من إيمانه بضرورة زيادة الاهتمام باللعبة ورفع العائدات المالية، بيد أنه كان ثمة حاجة لدراسة الموضوع بتعمّق أكبر.

لا شك في أن الاتحاد الدولي كان يحتاج لاتخاذ خطوة تثبت حسن نية تجاه الأعضاء (الاتحادات الوطنية) الذين فقدوا الثقة بالقيّمين على الرياضة الشعبية الأولى بعد سلسلة الفضائح التي ضربت أركانها وأطاحت برئيسها السابق السويسري جوزيف بلاتر، وربما جاء تمسك انفانتينو برفع عدد المنتخبات في محاولة منه لكسب «الأعضاء» وبث الشعور بأنهم على جانب من الأهمية في «العهد الجديد».

بلاتر كان يفاجئ العالم دوماً بأفكار «غريبة»، حتى أنه اقترح يوماً إقامة كأس العالم مرة كل سنتين، أما انفانتينو فقد كانت هذه باكورة اقتراحاته وأراد أن يقول من خلالها «أنا هنا»، بيد أنه يُخشى ان يصب رفع عدد المنتخبات في غير صالحه خصوصاً ان مستوى الحدث سيكون مرشحاً للهبوط في الادوار الاولى، وستفقد البطولة الرونق الذي لطالما تحلّت به بسبب مشاركة فرق من المستوى الذي لا يليق بحدث بحجم كأس العالم.

أضف إلى ذلك بأن خوض المونديال كان يشكل حلماً بالنسبة الى لاعبين ومنتخبات ودول، وجاء هذا «التعديل التاريخي» ليُفقد البطولة تلك الخصوصية التي جعلتها منذ 1930 الحدث الرياضي الأبرز على الإطلاق.

واظهر تقرير داخلي لـ «الفيفا» ان مشاركة 48 منتخبا ستؤدي الى زيادة ايرادات المونديال بزهاء 640 مليون دولار، ولكن هل من شأن ذلك أن يحسن المستوى والصورة؟

طالما أن الإجابة ليس حاسمة، فإنه كان لا بد من دراسة أكثر تعمّقاً.

يبدو أن «الفيفا» خشي على «بطولته» الأولى من سطوة دوري أبطال أوروبا التي تدرّ ذهباً، فأراد أن يسلك الدرب نفسه، إلا أن مسابقات المنتخبات شيء ومسابقات الأندية شيء آخر.

في عهد الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني، حمل الأخير لواء توسيع المشاركة في دوري الأبطال لكسب اصوات الاتحادات الصغيرة، بيد أن البطولة لم تمسّ وحافظت على بريقها بفعل مشاركة النجوم والزخم الإعلامي.

بلاتيني نفسه يقف خلف فكرة اقامة «يورو 2020» في 13 بلداً بمناسبة مرور 60 عاماً على انطلاق البطولة.

ولكن ما يصح في أوروبا حصراً سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات ليس مؤهلاً حكماً أن يصحّ على مستوى العالم ككل، خصوصاً أن فارق المستوى في «القارة العجوز» آخذ في الاضمحلال بين الخصوم، بينما ما زال البَون كبيراً بين أوروبا وبقية العالم.

انفانتينو اكد ان الصيغة الجديدة لن تتطلب اطالة مدة كأس العالم، والتي تقام حاليا على مدى 32 يوما، بل ستؤدي فقط الى زيادة عدد المباريات من 64 حاليا الى 80، أي 16 مباراة إضافية «ومن دون طعم ولون».

ألم يكن من الأجدى تحسين صيغة التصفيات بدلاً من حمل 48 بلداً بلاعبيه وأجهزته وجماهيره للانتقال الى دولة قد تكون قادرة وربما غير قادرة على استصافة ضيوف بالآلاف.

يواكيم لوف مدرب منتخب المانيا بطل العالم 2014 ضد الاقتراح، والارجنتيني دييغو مارادونا مع الاقتراح.

للأول أسبابه وللثاني أسبابه، ولا مجال للسؤال عمّن يكسب في النهاية لأن «الفيفا» راهن على أبرز ما لديه، والرهان خسارة... أحياناً.