جي بي سي نيوز:- يعتمد كل شيء نستخدمه في حياتنا، بدءاً من الهواتف النقالة مروراً بالسيارات، وصولاً إلى المصابيح اليدوية، على البطاريات.

 

ولكن في الآونة الأخيرة، تزعزعت ثقة الكثيرين في التكنولوجيا، فخلال الأسابيع القليلة الماضية، اضطر عدد كبير من المسافرين جواً إلى التخلي عن هواتفهم من طراز سامسونج نوت 7، نظراً لما تمثله بطارياتها القابلة للاشتعال من خطر أثناء الطيران.

 

في الوقت نفسه، منعت بعض شركات الخطوط الجوية صعود الألواح الطائرة (Hoverboards) على متن طائراتها، على اعتبار أن البطاريات المستخدمة بها معرضة للاحتراق في أي لحظة.

 

يأتي ذلك في الوقت الذي نرى فيه مئات الحوادث لاحتراق البطاريات في السيارات الكهربائية، وخصوصاً في الصين.

 

إذاً، فما السبب وراء حدوث هذا الكم من المشاكل في البطاريات؟

 

دخول عنصر الليثيوم في صناعة البطاريات

 

وفقاً للتقرير الذي نشره موقع the conversation، بدأت الحكاية في أوائل التسعينيات من القرن المنصرم، مع دخول بطاريات من نوع ليثيوم-أيون في صناعة بطاريات الهواتف المحمولة والأجهزة الأخرى.

 

بالإضافة إلى خفة وزنه، يتميز الليثيوم بأنه أقل سُميةً من المواد الأخرى التي كانت تُستخدم سابقاً في البطاريات مثل الكادميوم والرصاص. وعلى عكس البطاريات التي كانت تُستخدم في السابق، فإن بطاريات من نوع ليثيوم-أيون قابلة للشحن آلاف المرات.

 

 

وتتجلى العبقرية في هذا النوع من البطاريات من خلال التصميم الهيكلي المدمج المفصل للبطارية ذات الطبقات؛ إذ ساهم هذا الأمر في تحسين المسارات الحرارية وأنظمة قوى التحكم المُبرمجة المصاحبة لها، التي تُستخدم عادةً لتجنب الشحن والتفريغ الزائدين لخلايا البطارية.

 

هل كان للتطور بعض الآثار السلبية؟

 

في منتصف التسعينيات من القرن المنصرم، أُصقلت وطُورت هذه التصميمات بشكل كبير بفضل الاستثمارات الكبيرة في التكنولوجيا.

 

زادت كثافة الطاقة الخاصة بخلايا البطاريات من 100 واط ساعة لكل كيلو إلى 270 واط ساعة لكل كيلو، وهو ما يعني تمكننا من الحصول على قدرة أكبر في مساحة أصغر. ومما لا شك فيه أن هذا الأمر كان ضرورياً من أجل مواكبة سوق الإلكترونيات الحديثة، التي أصبحت فيها عوامل الحجم والوزن ضرورة من أجل تسويق الأجهزة.

 

ولكن مع ازدياد القدرة تزداد الحرارة، ومع ازدياد الحرارة داخل البطارية تزداد أهمية بعض المسائل كالحجم والحيز المتاح للتمدد.

 

يتطلب التسابق من أجل إنتاج منتجات أفضل والحصول على حصة كبيرة من المنافسين في السوق وجود كم هائل من عمليات التصنيع. ويبدو أنه في خضم عملية التصنيع المستمرة وظهور منتجات جديدة على الساحة، أصبح الاهتمام بمسائل كسخونة الأجهزة وإجراء الاختبارات اللازمة للتأكد من هذا الأمر يقل تدريجياً.

 

أسهم هذا الأمر في إنتاج بطاريات معرضة للانفجار التلقائي بمجرد تعرضها لأي احتكاك، أو تعرضها لحرارة خارجية، وفقاً لموقع The conversation.

 

هل هناك إمكانية لإنتاج بطاريات غير قابلة للاشتعال؟

 

وفقاً لجان كروفورد، مراسل شبكة cbs news، تنفق وزارة الطاقة الأميركية حالياً عشرات الملايين من الدولارات من أجل ابتكار البديل الآمن للبطاريات القابلة للاحتراق، كما أظهر أحد المشاريع البحثية بالفعل نتائج واعدة للغاية فيما يتعلق بتلك المسألة.

 

في مختبر الأبحاث بجامعة ميريلاند، تجري بعض التجارب لاستبدال المكونات القابلة للاشتعال المستخدمة ببطاريات الليثيوم -أيون حالياً بأقراص خزفية صغيرة منقوعة في مركب الليثيوم، وهو ما يظهر لنا خطط الباحثين من أجل الوصول لبطارياتٍ أفضل وغير قابلة للاشتعال.

 

أجرى الباحثون مقارنة بين قرص مغطى بمحلول الكربون المعتاد القابل للاشتعال المستخدم حالياً في جميع بطاريات الليثيوم -أيون الموجودة في الهواتف الذكية وبين القرص الخزفي المنقوع في الليثيوم المُصمم في المختبر الجامعي، وتبيَّن أن القرص الخزفي المنقوع في مركب الليثيوم تمكن من احتمال حرارة تصل لآلاف الدرجات السيلزية دون حدوث أية مشاكل.

 

 

 

 

 

وأرجع إريك واكسمان، أستاذ الهندسة بجامعة ميريلاند ومدير مركز أبحاث الطاقة بنفس الجامعة، عدم اشتعال القرص إلى أنه مُصمم من السيراميك، إذ إن السيراميك غير قابل للاحتراق، بحسب ما نقله موقع cbs news.

 

وأضاف: "إنها مجرد خطوة من أجل الحصول على طاقة أكبر من البطارية، فأنت كمستهلك تريد أن تعمل بطارية هاتفك لوقت أطول، وتتطلع دائماً للحصول على المزيد والمزيد من أجهزتك الإلكترونية".

 

واستطرد قائلاً: "أنت تعرف أن هاتف مثل هاتف سامسونغ ليس كأجهزة الهواتف النقالة المعتادة، فهو يدخل في عداد أجهزة الحاسوب المصغرة؛ فأنت تضع ذلك الكم الهائل من البيانات وقوة المعالجة للبيانات على هاتف صغير للغاية، وتريد أيضاً أن تكون بطارية الهاتف صغيرة".

 

الاهتمام بالبطاريات غير القابلة للاشتعال

 

بعد أن بدأت بطاريات هواتف سامسونغ بالاحتراق، اكتسبت مساعي البروفيسور واكسمان، الممتدة على مدار 3 سنوات، لابتكار بطاريات غير قابلة للاحتراق الكثير من الاهتمام.

 

يقول واكسمان: "تواصل معنا عدد هائل من الشركات من مختلف أنحاء العالم، سواء عن طريق البريد الإلكتروني أو عبر الهاتف".

 

وعند سؤاله عن المرحلة التي وصل إليها الأمر فيما يتعلق بمسألة التطوير، أجاب "هذا الحجم يعتبر جيداً للبطاريات الصغيرة، البطاريات الدائرية المعدنية الصغيرة الموجودة في سماعات الأذن الطبية أو أي شيء آخر يعتمد على هذا النوع من البطاريات. ولكن للحصول على حجم أكبر، سيصبح الأمر فقط مرتبطاً بزيادة الحجم".

 

هل من الممكن إنتاج هذا النوع من البطاريات؟

 

يقول إريك ليمر، نائب رئيس تحرير موقع PopularMechanics.com، إنه يستمع طوال الوقت إلى الكثير من القصص التي تتحدث عن أن هناك تعديلات جديدة أُدخلت على البطاريات، ولكن السؤال الدائم هنا هل سينجح هذا الأمر أم لا.

 

وأضاف: "هناك فارق بين إدخال تطوير على بطارية داخل المختبر، وبين ابتكار بطارية يمكنها أن تعمل بشكل فعلي".

 

ولكن البروفيسور إريك واكسمان قال إنه من الممكن ابتكار بطاريات آمنة، وإنتاجها بكميات هائلة.

 

وأضاف: "تمكنا بالفعل من إيجاد الشركاء المطلوبين ليدخلوا معنا في عملية التصنيع، ونتوقع أن يكون المنتج جاهزاً في غضون السنوات القليلة المقبلة".