معركة المنصورة ونبروه
انسوا مباراة الزمالك ووادى دجلة أو الأهلى والشرقية، وأى مباراة أخرى أقيمت منذ بدأ الموسم الحالى لكرة القدم.. ففى دورى الدرجة الأولى استضاف استاد بنى عبيد منذ يومين مباراة بين المنصورة ونبروه وانتهت بعكس ما تنتهى به عادة مباريات الكرة الطبيعية.. اثنتا عشرة غرزة فى رأس عاطف صبحى عبدالحكيم.. كسر بالذراع اليمنى لكريم إبراهيم.. ثلاث غرز فى رأس محمد عبدالوهاب شاهين.. سحجات وكدمات فى وجه أحمد شبل.. ولم يكن هؤلاء الأربعة بالمناسبة من الجماهير وأصيبوا فى المدرجات نتيجة شجار مع جماهير منافسة أو بعد اشتباك عنيف مع رجال الأمن.. إنما هم لاعبو المنصورة، أصيبوا نتيجة معركة دامية دارت بين لاعبى الفريقين عقب إطلاق الحكم صافرة نهاية المباراة التى انتهت بفوز المنصورة.. وباستطاعة أى أحد تخيل شكل المعركة، وكيف دارت، وحجم وعدد الإصابات الأخرى التى لم تستدع الذهاب للمستشفى والتدخل الجراحى.. ومنذ انتهت المعركة أو المباراة والكل مشغول بالبحث عن متهم يحمّلونه مسؤولية ما جرى.. يرجمونه ويصلبونه.. وحين تتدلى رأسه فوق مشنقة الأخلاق ستستريح ضمائر الجميع ويخفت صوت صراخهم كأن شيئا لم يكن.. الزميل الإعلامى أحمد المسيرى، رئيس نادى نبروه، قال إن المسؤول عما جرى هو ياسر الكنانى، مدرب المنصورة، الذى استفز جماهير نبروه بعد المباراة ووجه لها إهانات قاسية وشتائم جارحة، فكان الذى كان.. والصديق القديم أحمد مجاهد، رئيس المنصورة، قال إن لاعبى نبروه اعتدوا على لاعبى المنصورة وقد تم تحرير محضر رسمى بالإصابات، وفيه اتهامات لأربعة لاعبين من نبروه.. وكان هناك من قال إن المتهم هو حكم المباراة الذى احتسب ضربة جزاء غير صحيحة للمنصورة.. وأنا هنا أستأذن الجميع فى عدم مسايرتهم بأن المشكلة هى فقط البحث عن متهم ومسؤول مباشر عما جرى، رغم ضرورة ذلك بعد تحقيق دقيق ومحايد وعقوبات رادعة تطال كل من أخطأ.. إنما المشكلة الحقيقية هى المناخ العام السائد فى مصر الآن والمسكون بالعنف والكراهية والولع بالشتيمة والإيذاء، سواء داخل ملاعب الكرة أو فى الشارع أو البيت أو المقهى أو المكتب.. ورغم ذلك هناك من يصر على تجاهل كل ذلك وتنظيم وقفات المطالبة بعودة الجمهور دون ضوابط واشتراطات.. وبإمكاننا تخيل لو أن هذه المعركة جرت أمام مدرجات تفيض بجماهير المنصورة ونبروه.. المشكلة أيضا هى سهولة وشيوع وتكرار اتهام حكام الكرة بالرشوة والفساد دون أن ينتبه أحد إلى النتيجة الحتمية لذلك، وهى رفض أى قرار لأى حَكَم، مع اختلاف أشكال هذا الرفض وتطوره، لدرجة أنه لم يعد مستبعدا قتل حَكَم بعد مباراة.. وتخيلوا هؤلاء الذين قاموا بفتح رؤوس لاعبى فريق منافس، احتجاجا على ضربة جزاء ظالمة فى رأيهم، لو كان أمامهم الحكم نفسه الذى احتسبها.. المشكلة أيضا هى العدالة سواء البطيئة أو مفتوحة العينين.. فكل ملفاتنا الكروية تماما مثل جروحنا الاجتماعية.. لاتزال مفتوحة، لا يجرؤ أحد على إغلاقها.. وكل كوارثنا الكروية لم تنته بمتهم تمت إدانته بشكل حقيقى وحاسم ونهائى.
(المصدر: المصري اليوم 2016-12-01)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews