Date : 19,04,2024, Time : 11:39:38 PM
3313 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الثلاثاء 28 صفر 1438هـ - 29 نوفمبر 2016م 08:38 م

الشعبويّة ووتائر التقدّم

الشعبويّة ووتائر التقدّم
حازم صاغية

جي بي سي نيوز:- بعض من فسّروا الفاشيّة وحلّلوها ذهبوا إلى أنّ لينين هو مَن أتى بموسوليني وهتلر. ومفاد الرأي هذا أنّ الجذريّة اليساريّة التي استعجلت المستقبل، كما عبّرت عن نفسها في ثورة 1917 البلشفيّة، إنّما أثارت ذعر الطبقات الوسطى والوسطى الدنيا الأوروبيّة، فردّت الأخيرة باستحضار جذريّة يمينيّة وماضويّة كانتْها الفاشيّة.

اليوم، مع صعود الشعبويّات في الولايات المتّحدة وأوروبا، ومع هذا الجنوح الجنونيّ إلى اليمين، يستعيد المرء تطوّرات كبرى شهدتها العقود الثلاثة المنصرمة، تلاحقت بتسارع وكثافة غير مسبوقين. والحال أنّ التطوّرات المذكورة استفزّت واستنفرت كتلة ضخمة ومتفاوتة، في عدادها ضحايا ومتضرّرون ومفقَرون ومهمّشون ونوستالجيّون وقوميون ومؤمنون ورجعيّون وعنصريّون على أنواعهم.

فالتحديث التقنيّ وثورة المعلومات والعولمة نقلت الكون إلى ما بعد الصناعة، كما تجاوزت حدود الدول وأسواق العمل الوطنيّة، بما في ذلك من ترحيل الإنتاج إلى بلدان أخرى. لكنْ إلى هذا، وإلى الهجرات السكّانيّة الضخمة، جدّت أحداث لا تقلّ أهميّة في السياسة والفكر السياسيّ واكبتها سلوكات وردود أفعال ملازمة غيّرت وجه العالم.

فالاتحاد الأوروبي، إذا ما اعتبرنا أنّ بدايته العمليّة كانت اتفاق ماستريخت في 1992، ثمّ ولادة اليورو بديلاً عن عملات عريقة كالفرنك الفرنسيّ والمارك الألمانيّ، كانا انقلاباً طاول مستويات الوجود الاجتماعي والفردي لعشرات الملايين.

وكان التغيّر الأكثر داخليّة مع نشأة المجتمع التعددي ثقافياً وإثنياً ولغوياً. فما انطلق، أوائل السبعينات، من بلدان هجرة ككندا وأستراليا، شرع، في التسعينات، يستوطن بلدان أوروبا وينحّي جانباً قوميّاتها التاريخيّة المُعتدّة بذاتها. وقد مال نقّاد المجتمع التعددي إلى تصوير التحوّل هذا في صورة العمليّة الكيماويّة التي تمزج وتخلط عناصر في غاية التباين، كما ندّدوا به بوصفه تأسيساً ثانياً للاجتماع الوطنيّ، تأسيساً يستغني عن الماضي وعن كل مرجعية قائمة، وعلى قدم المساواة يتشارك فيه «الأصلي» و»الغريب» الوافد لتوّه.

وبعض ما غيّره ذاك التحوّل أنّ «الإثنيّة» و»الدين» شرعا ينافسان «الطبقة» بوصفها الوحدة التي تطوّرت بموجبها السياسة والفكر السياسيّ في العالم الغربيّ. لكنْ فيما حملت نهاية الحرب الباردة وانهيار المعسكر السوفياتيّ على الترحيب باستبعاد «الطبقيّ»، كان تنامي التفاوت الاقتصاديّ وتراجع المساواة يجعلان الفقراء «البيض» أشدّ حسرة وتحفّظاً على هذا الجديد. فلئن وَجد الفقراء «الملوّنون» والأقلّيات على أنواعها في صعود المجتمع التعددي ما يكافئهم ويعزّيهم، تصدّعت أدوات زملائهم «البيض» ونقاباتهم وأحزابهم، وتغيّرت طبيعة نواديهم الرياضيّة الأثيرة، فضلاً عمّا أصاب سوق العمل نفسها بسبب الاتّفاقات التجاريّة وتفريع الإنتاج.

وفيما لم يعد العالم المعروف قابلاً للتعرّف، أخضع «الصواب السياسي»، الذي بدأ يشيع أواخر الثمانينات انطلاقاً من الولايات المتّحدة، الألسنة والصور وحسّ الدعابة وشطراً عريضاً من المحكيّ والمكتوب والمسموع والمرئيّ، لرقابة صارمة بدت لكثيرين قمعيّة، وبدت حتّى لبعض التقدميّين سخيفة تُحلّ التركيز على الكلمات والإشارات محلّ التركيز على القوانين والعلاقات الفعليّة.

وبمعنى ما جاء انتخاب «الأسود» و»المسلم» باراك أوباما رئيساً للولايات المتّحدة، ولثماني سنوات، تتويجاً لكلّ تلك الانقلابات التي أصابت العالم المألوف والحميم، لا سيّما أنّ المواعيد الزمنيّة كانت تتزاحم في الإعلان عن تحوّل البيض الأميركيّين من أكثريّة عدديّة إلى أقلّية. هكذا لم يعد ينقص البيئة الذكوريّة والمؤمنة المرتعدة خوفاً إلاّ وصول «المرأة» هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض.

وشهدت السنوات الثلاث الماضية انفجار الهجرة واللجوء، من سورية ومن سواها، لتطرح على بلد كألمانيا أسئلة ليس الألمان كلّهم مؤهّلين لتقديم إجابات إيجابيّة عنها.

لقد كانت تلك التغيّرات، بغضّ النظر عن الموقف منها، من طبيعة جيولوجيّة. مع هذا، وُجد بين أصحاب الفائض الثوريّ من يقول، ومن لا يزال يقول، أنها شكليّة وسطحيّة وأقرب إلى التضليل، من دون أيّ اكتراث بالممكنات الفعليّة كما تراها قطاعات عريضة من السكّان.

لكنّنا وقد رأينا ما رأينا، من بريكزيت إلى ترامب واحتمال لوبن، جاز لنا القول إنّ التقدّم الذي يتمّ بالأمتار، وتكرّسه القوانين، أرسخ وأضمن بلا قياس من التقدّم بالأميال الذي لا تلبث أن تعقبه ارتدادات رجعيّة خطيرة. وهذا، بالطبع، حين يمكن التحكّم بالأمر الذي يستحيل أحياناً التحكّم به.

لكنْ، وقد حصل ما حصل، لا يملك ديموقراطيّو أميركا وأوروبا إلاّ أن يقاوموه.

(الحياة 29/11/2016)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد