الحزب والشعب والمؤتمر
جي بي سي نيوز:- مقالي اليوم سيأخذ منحى مختلفاً قليلاً نتيجة لظروف الفترة الراهنة، حيث نشهد هذا الأسبوع في فلسطين نشاطاً على مستوى الحزب الحاكم في الضفّة، ولذلك أرى ضرورة تناول الحدث بعقلانية وموضوعية والرجوع قليلاً للجوانب النظرية.
نمتاز نحن الفلسطينيون أننا شعب سياسي بالفطرة، ولا أقول ذلك استخفافاً بل لإعجابي بسائق التاكسي وبائع الفلافل وحارس العمارة والطبيب وخبيرة التجميل الذين يحللون المواقف السياسية وينتقدون الواقع، نحن شعب ولد ونشأ تحت الاحتلال ولذلك من الطبيعي جداً أن نتكلم جميعاً بالسياسة وأود التوضيح هنا أنني من أنصار المدرسة المتعددة التخصصات (interdisciplinary school) وأؤمن بأن السياسة بالذات تحتاج للإلمام بحقول وتخصصات أخرى لتحقيق أفضل المكاسب. إيماني هذا لا ينفي حقيقة أن السياسة لها حقل علمي ونظريات خاصة بها تنظمها وتحدد أشكالها، وبناءً على ذلك سأتناول اليوم موضوع الأحزاب السياسية بقصد تذكير أعضاء الأحزاب بماهية الحزب وبقصد دعوة الشعب للتفكير منطقياً بوضع وأهلية الأحزاب الفلسطينية بشكل عام.
نُعرِّف الحزب السياسي حسب المدرسة الليبرالية والتي تتبناها معظم الأنظمة العربية بأنه مجموعة من الأشخاص تجمعهم مبادئ ولهم برنامج سياسي يسعون من خلاله لكسب تأييد الرأي العام بقصد الوصول للسلطة وممارستها. هناك عناصر أساسية لا بد من توفرها في أي حزب سياسي:
١- الجماهير: لا بد لكل حزب سياسي من قاعدة جماهيرية لتسهيل الوصول للسلطة.
٢- وحدة المصلحة والمبادئ: المصلحة هي العامل الموحد لأي حزب، فمن يريد الإنتماء لأي حزب عليه تفهم وتبني مبادئه وقبول برنامجه السياسي بالدرجة الأولى.
٣- وحدة التنظيم: تنظيم وضبط الحزب السياسي هو أساس نجاح الحزب بهدف الوصول للسلطة.
٤- وحدة القيادة: الجماهير تنقاد وراء القادة ولذلك لكل تنظيم أن يتحلى بوحدة القيادة وإلا يتفكك الحزب.
٥- الوصول إلى السلطة: كل حزب سياسي يطمح للسلطة وعن طريق السلطة يكون بمقدوره تطبيق البرنامج الذي يتضمن مبادئ الحزب.
إذاً، بلغة بسيطة يحتاج الحزب لأيديولوجية ولقيادة موحدة وهيكلية منظمة ولقاعدة جماهيرية تمكنه من الوصول للسلطة لتطبيق برنامجه.
بالحقيقة، هناك إرباك كبير عند المواطنين حول الحزب في فلسطين بسبب عدم التمييز والوضوح بين أجهزة الحزب أو المنظمة أو الدولة. إنطلاقاً من التعريفات المذكورة أعلاه، إذا أراد المؤتمر أن يعزز وجود الحزب، عليه مراجعة كل العناصر السابقة، إبتداءً بالقيادة ووحدتها ثم مصالحها ومبادئها ومدى تنظيم التعبئة الجماهيرية في صفوفها وأهمية كسب تأييد الرأي العام وصولاً لطبيعة استحواذها على السلطة. نتمنى من المؤتمر مراجعة هذه العناصر الأساسية والخروج بهيكليات وأسماء ومصالح موحدة قادرة على إعادة وحدة الوطن الجغرافية والسياسية ليتمكن من كسب تأييد الرأي العام والعمل معاً لتحقيق المصلحة الوطنية بدلاً من الإنشغال بالمصالح الحزبية.
(القدس 27/11/2016)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews