Date : 17,05,2024, Time : 02:45:35 PM
3817 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الثلاثاء 20 شوال 1434هـ - 27 أغسطس 2013م 05:37 ص

الفيل الهندي يمشي متثاقلا خشية السقوط

الفيل الهندي يمشي متثاقلا خشية السقوط
فيكتور ماليت

الهند 1991، تايلاند وشرق آسيا 1997، روسيا 1998، ليمان براذرز 2008، منطقة اليورو 2009. والآن ربما تبدأ في الهند والأسواق الناشئة الأخرى من جديد.

كل أزمة مالية تعبر عن نفسها في أماكن جديدة وبأشكال مختلفة. في عام 2010 كان خوزيه سُكراتيس، رئيس وزراء البرتغال، يكافح لتجنب عمليات الإنقاذ المالي الدولي المهينة، وقد شرح بمسحة من الحزن كيف أنه لتوه تعلم استخدام هاتفه الخليوي لتحديث المعلومات المتعلقة بعوائد السندات السيادية. ولم يُجدِ ذلك نفعاً وغادر سُكراتيس منصبه بعد ستة أشهر من ذلك، وأصبحت البرتغال تطلب مساعدة صندوق النقد الدولي.

وجاء الدور هذه السنة على وزراء الهند ومسؤولي البنك المركزي فيها، لكي يبدأوا بالحملقة بحزن في أجهزة البلاكبيري والآيفون الخاصة بهم، على الرغم من أن شغلهم الشاغل هو سعر الروبية أمام الدولار.

فقد تراجعت العملة الهندية مرات متتالية، مسجلة أرقاماً قياسية الأسبوع الماضي، في وقت قررت فيه أعداد كبيرة من المستثمرين سحب الأموال من الأسواق الناشئة، خاصة من دول تعاني عجزا في حسابها الجاري، مثل الهند التي تعتمد على هؤلاء المستثمرين بالذات للحصول على المال. وانتشرت نكات سوداء على تويتر في الهند عندما تجاوزت قيمة الروبية الهندية حاجزاً بارزاً، هو 65 روبية لكل دولار: ''الدولار 65 روبية يعني أن الوقت حان لكي تتقاعد الروبية''.

والفتيل الذي أشعل الفوضى في أسواق بومباي وبانكوك وجاكارتا هو إدراك حقيقة أن الاحتياطي الفيدرالي ربما يقوم – بحق – بعملية ''الانسحاب التدريجي'' من عمليات شراء الأوراق المالية الحكومية من الأسواق المالية، وهو البرنامج السخي الذي نفذته الحكومة الأمريكية في أعقاب انهيار بنك ليمان. وهذا يعني أن الاقتصاد الأمريكي قوي وبالتالي ارتفاع معدلات الفائدة الأمريكية، ومن ثم تفضيل المستثمرين شراء الأصول الأمريكية على شراء أصول عالية المخاطر من الأسواق الناشئة في آسيا وأمريكا اللاتينية.

والفتيل الذي أشعل كل انفجار مالي كان بلا شك مختلفاً عن الذي سبقه. ومع ذلك كانت الأسباب الكامنة وراء المشاكل لسنوات متشابهة إلى حد كبير.

والشيء نفسه يقال عن المراحل الرئيسية التي مرت بها هذه المشاكل - منها مرحلة الغرور وبعدها العقاب المستحق – التي سببت المعاناة من المآسي الاقتصادية. ولا يمكن لأي فرد سبق أن تفحص تاريخ الأمم التي سقطت ضحية لأزمات مالية أن يستغرب من الطريقة التي تُعامل بها الأسواق كلاً من الهند والبرازيل اليوم.

فأول ما حل بهؤلاء الناس هو الإعجاب بالنفس والغطرسة اللذين غذتهما سنوات من النمو الاقتصادي الكبير والشعور بأن النجاح الذي حققته الأمة ناتج عن القيم وبُعد النظر وبراعة القائمين على هذه السياسة وزيادة عمق وبصيرة الموجودين في السلطة. واعتبُر المتشككون الذين حذروا من المصير الوشيك الحدوث في المستقبل بأنهم ''متشائمون''، ونسي من نعتوهم بهذه الصفة ليس فقط مواطن ضعفهم وتبذيرهم، ولكنهم نسوا أيضاً الفكرة وراء نبوءة العرافة الطروادية: وهي أنها لم تكن مخطئة في تنبؤها حول المستقبل، وإنما كان مقضياً عليها ألا يصدقها أحد.

وكانت الثقة بالهند عالية تماماً حتى قبل أشهر قليلة فقط، إلى درجة أن الاقتصاديين – كما حدث في تايلاند في أوائل التسعينيات - توقعوا أن العملة المحلية سترتفع ولن تسقط مقابل الدولار.

وحققت الهند نمواً سنوياً في الناتج المحلي الإجمالي زاد على 10 في المائة عام 2010، وكان من المسلم به أن تجني الدولة المزدحمة التي يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة فوائد من ''فائضها الديموغرافي'' الذي يتضمن ملايين الشباب والفتيات الداخلين إلى سوق العمل. وكان الفيل الهندي متجهاً لتخطي التنين الصيني من ناحية نمو الدخل المحلي الإجمالي وكذلك في حجم السكان.

وبحسب براتاب باهنا ميهتا، رئيس مركز دراسة السياسات في نيودلهي، هذا الأمر كان مترسخاً بعمق في النظام الهندي على شكل ''اعتقاد فكري بأن هناك نوعاً من القوة الطبيعية التي تدفعنا لتحقيق نسبة نمو تبلغ 9 في المائة، تكاد تكون إحساساً بالاستحقاق قادنا لإساءة قراءة التاريخ'' .

وبالطريقة نفسها، ساد الاعتقاد بأن النجاح المستمر الذي حققته نمور جنوب شرق آسياً في أوائل التسعينيات نتج عن ''القيم الآسيوية''، وهو الاعتقاد الذي ثبت الآن أنه وهمي وأصبح يمثل مدرسة تفكير تستثني منتسبيها من القوانين الطبيعية للاقتصاد والتاريخ، بسبب أخلاقياتهم في العمل والروح الجماعية التي يتمتعون بها أثناء بذل جهودهم.

لكن الحقيقة أبسط من ذلك، فالسبب الحقيقي الذي أدى للتوسع الذي يسبق هذا النوع من الأزمات المالية المعتادة هو فيضان الديون الرخيصة (أو الرخيصة نسبياً)، الآتية غالباً من الخارج.

في التسعينيات كانت الشركات التايلاندية تقترض الدولارات على الأجل القصير بأسعار فائدة متدنية وتدخل في استثمارات طويلة الأجل في العقارات والصناعة والبنية التحتية في بلادها، حيث كانت تتوقع تحقيق عوائد عالية بالبات التايلندي، وهي عملة ظلت مستقرة لفترة طويلة مقابل الدولار.

وحدث الشيء نفسه في إسبانيا والبرتغال في العقد الأول من هذا القرن، على الرغم من أن القروض منخفضة الفائدة التي غذت طفرة العقارات غير المستدامة كانت في أغلبها تحويلات من الشمال إلى الجنوب داخل منطقة اليورو، وكانت بالتالي بالعملة نفسها والعوائد المتوقعة منها هي نفسها. والواقع أن عملة اليورو وصفت بأنها ''مسكن الآلام القاتل'' لأن استخدامها أخفى الاختلالات المالية الخطرة التي ظهرت في جنوب أوروبا وإيرلندا.

والمرحلة الثانية من الأزمة المالية هي السقوط نفسه، وأصبحت اللحظة شبيهة بتلك التي يتيقن فيها الجميع أن الإمبراطور عار من الملابس، أي بعبارة أخرى مد الأموال السهلة يتلاشى لسبب ما، وفجأة يتكشف للنظر العجز في الحساب الجاري وقلة عوائد الاستثمار وهشاشة المؤسسات المدينة والبنوك التي أقرضتها.

وهذا ما بدأ يحدث في الأسبوعين الماضيين، عندما أخذ المستثمرون يهضمون ''الانسحاب التدريجي'' المرجح من قبل الاحتياطي الفيدرالي. والأمر اللافت للنظر بصورة خاصة هو مصير الهند – الروبية واحدة من العملات الهشة الخمس، وفقاً لبنك مورجان ستانلي. والأربع الأخرى هي عملات البرازيل وإندونيسيا وجنوب إفريقيا وتركيا.

وليس الموضوع هو أن جميع الأساسيات الاقتصادية في الهند في وضع سيئ. وكما قال وزير المالية الهندي، بالانيابان شيدامبارام، يوم الخميس، عبء الدين العام انخفض بالفعل في السنوات الست الماضية، ليصل إلى 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما كان عليه في إسبانيا عندما دخلت في أزمتها الاقتصادية الحادة عام 2009.

وتحملت الهند، مثلها مثل إسبانيا، ممارسات الإقراض المتراخية، التي نفذتها بنوك غير رسمية لتمويل المشاريع الهائلة في العقارات والبنية التحتية لملوك المال، الذين ربما يَجهَدون في سداد قروضهم.

ومن سوء طالع الهند أن الديون المعاد هيكلتها ارتفعت إلى أكثر من الضعف في البنوك الحكومية الهندية في السنوات الأربع الماضية، لتصل إلى مستوى مثير للفزع، بلغ 11.7 في المائة من إجمالي أصول هذه البنوك. وبحسب معلومات صادرة عن بنك كريدي سويس، ارتفعت الديون الإجمالية على أكبر عشر مجموعات صناعية في الهند بنسبة 15 في المائة في العام الماضي، لتصل إلى 102 مليار دولار.

وبالنسبة لمن ينظرون إلى المدى البعيد، يعتبر الفشل الأكبر للهند هو أنها ضيعت بوضوح فرصة اقتصادية تأتي مرة واحدة فقط في عصر بأكمله.

فبدلاً من أن تفتح الهند ذراعيها ترحيباً بالاستثمار الأجنبي لتحل محل الصين موردا أساسيا للبضائع المصنعة للعالم، فضلت تحت قيادة سونيا غاندي وحزب المؤتمر اللذين يشعران بالارتياب دوماً تجاه الشركات، توسيع أكبر دولة رفاه اجتماعي في العالم، حيث كانت تدعم كل شيء، من الأرز والأسمدة وغاز الطهي إلى الإسكان وتوظيف أهل الأرياف.

ولم يتمكن المعجبون السابقون برئيس الوزراء الهندي، مانموهان سينغ – الذي عمل أثناء توليه منصب وزير المالية على تحرير الاقتصاد، وأنهى الفساد المتمثل في ''رخصة الراج''، وأخرج الهند من أزمة شديدة في ميزان المدفوعات، بمساعدة قرض من البنك الدولي – من عمل شيء سوى هز رؤوسهم عندما سمعوه يتباهى في الأسبوع الماضي ويقول إن 810 ملايين هندي على الأقل يستحقون دعم الطعام حسب مشروع قانون الأمن الغذائي الجديد.

ومشروع القانون هو محاولة مكشوفة يقوم بها حزب الكونغرس لتحسين شعبيته قبل الانتخابات العامة المقبلة. لكن منتقدو الحكومة مرعوبون من فكرة تقديم صدقات للهنود بدلاً من خلق ظروف تسمح لهم بالعمل وشراء ما يلزمهم بأنفسهم. ويمكن أن تؤدي الضغوط المترتبة على الميزانية إلى زيادة مخاطر حدوث خليط سام مكون من الركود الاقتصادي والتضخم العالي. وانخفض معدل النمو السنوي في الهند بالفعل إلى النصف في السنوات الثلاث الماضية ليصل إلى نحو 5 في المائة، ويمكن أن ينخفض أكثر إلى 3 في المائة، وهي نسبة كانت مثيرة للسخرية في الثمانينيات.

وإذا استمر تراجع العملة والصعوبات في ميزان المدفوعات، وتحولا إلى أزمة مالية متفجرة في الأشهر المقبلة، فستُرمى الهند على كُره منها في المرحلة الثالثة والنهائية من صدمتها الاقتصادية.

والمرحلة الثالثة ستأتي عندما يقوم الوزراء ومحافظ البنك المركزي بالكشف عن الخراب الذي أصاب اقتصادا كان يوماً ما مزدهراً، ويحاولون وضع خطة لإعادة بنائه.

ومن الأمور التقليدية بالنسبة للحكومات التي تتمكن من النجاة، والحكومات التي تخلف الحكومات التي لم تتمكن من النجاة، أن تعلن عدة مرات عن بزوغ حالات من الفجر الكاذب ورؤية ''براعم خضراء'' يتبين فيما بعد أنها عبارة عن وهم.

ومن الصعب تطبيق ضوابط مالية في الأوقات السيئة، وكان من الأسهل تطبيقها في وقت مضى. والساسة الهنود منقسمون بالفعل بين الحاجة إلى تخفيض معدلات الفائدة لتعزيز النمو وضرورة رفعها لحماية الروبية ومعالجة التضخم، وهي نفس عوامل التوتر بين التقشف والمال السهل الذي ابتليت به الاقتصادات المتقدمة منذ عام 2008.

ويقول شيدامبارام ومسؤولون آخرون كبار إن الاقتصاد الهندي الكامن يظل مع ذلك قوياً وبنوكه آمنة، ولذلك لا حاجة للتفكير بطلب مساعدة من صندوق النقد الدولي، أو أي مكان آخر.

والشيء نفسه قاله سُكراتيس في لشبونة قبل ثلاث سنوات وهو يقفز من كرسيه: ''البرتغال لا تحتاج إلى أية مساعدة. نحتاج فقط إلى تفهم الأسواق''. لكن الأسواق لم تفهم، واحتاجت البرتغال بالفعل إلى المساعدة.

( المصدر : فاينانشال تايمز 27-8-2013 )




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد