المغامرون في لبنان!
غريب، كلكم تخاطرون، ولكن لماذا المخاطرة ايها السادة ؟
اذا كانت المخاطرة من أجل لبنان، فاسمحوا لنا لأن خلافاتكم هي التي تخاطر بوضع لبنان على حافة الهاوية، واذا كانت من أجل الشعب اللبناني السعيد، فاسمحوا لنا بأن نقول لكم: انتم من وضعتم وتضعون اللبنانيين في أشداق الخطر والمخاطر وبئس المصير!
ليس في هذا أي مبالغة. قبل أيام استمعنا الى الرئيس سعد الحريري يخلَص بعد خطاب الحيثيات والتبريرات الى القول إنه يؤيد ترشيح الجنرال ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وأنه بهذا يدخل في "مخاطرة سياسية كبرى" وربما في مغامرة كبرى. وعلى رغم الحيثيات المتصلة بسعيه الى إنهاء أزمة الفراغ الرئاسي التي تهدد الدولة اللبنانية علّق البعض بالقول: يا لها من مخاطرة تستجلب كل الأخطار!
أول من أمس استمعنا الى السيد حسن نصرالله يعلن ان نواب "حزب الله" سيصوّتون لعون ولو بأوراق مكشوفة تأكيداً لصدقية هذا التأييد، وانه لا يمانع ان يتولى سعد الحريري رئاسة الحكومة و"ان هذه مخاطرة بالنسبة الينا"!
غريب، الحريري يخاطر بتأييد عون ونصرالله يخاطر بتأييد الحريري، الذي كان سبّاقاً في المخاطرة عندما خرج من ١٤ آذار وأيد ترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة، لكن فرنجية خاطر بدوره كثيراً عندما افترض ان قواعد التحالف والتزاماته داخل ٨ آذار، لن تحول عملياً دون حصوله على تأييد نصرالله. وقبل الجميع قرر الدكتور سمير جعجع ان يركب سكة المخاطرة المارونية عندما هندس بعناية لتكون معراب منبراً لإعلان تأييده لعون، وخصوصاً بعدما كان هو مرشحاً معلناً للرئاسة لقوى ١٤ آذار التي ذابت كلياً في ٨ آذار وعوّضكم الله البركة!
وقبل كل هؤلاء المخاطرين ركبت بكركي المخاطرة عندما قبلت بأن تكون المرجعية الروحية التي تختزل المرشحين الموارنة بأربعة فقط لا غير، على قاعدة الإقرار بنظرية "الأقوياء الأربعة" على رغم ان قوة الفخامة هي من قوة لبنان القوي!
الآن لا أغالي اذا قلت إن الجنرال عون العائد الى "بيت الشعب"، سيكون أكبر المخاطرين إذا أراد ان يكون الرئيس القوي كما يقول دائماً، ذلك ان مهمة الرئيس القوي تبدو مخاطرة كبيرة، يبرز أول وأهم فصولها، عندما نتذكر قول الحريري في خطاب الحيثيات: "توصلنا الى اتفاق على تحييد دولتنا اللبنانية بالكامل عن الأزمة السورية، هذه أزمة نريد حماية بلدنا منها وعزل دولتنا عنها"، ثم عندما نستمع الى نصرالله يقول جازماً: "الحال الوحيدة التي تعيدنا الى لبنان هي انتصارنا في سوريا أي عندما ينتصر مشروعنا"!
والى ان ينتصر مشروع "حزب الله" في سوريا والمنطقة طبعاً، سيبقى لبنان ورئيسه عون وما بعد بعد عون في قبضة المغامرة... مفهوم؟
(المصدر: النهار 2016-10-25)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews