Date : 20,04,2024, Time : 08:08:49 AM
3710 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأحد 21 محرم 1438هـ - 23 أكتوبر 2016م 02:03 ص

الحروب الاقتصادية كرهان للعولمة

الحروب الاقتصادية كرهان للعولمة
الحسين الزاوي

تتخذ الحروب الاقتصادية معاني ودلالات مغايرة عن الحروب العسكرية التقليدية، وتزداد خطورة كلما تسارعت وتيرة التنافس الاقتصادي ما بين الدول الكبرى والشركات المتعددة الجنسيات، وتؤدي هذه الحروب، التي تعتمد على الهيمنة المالية، إلى نشأة مظاهر جديدة من التدمير المجتمعي داخل الدول التي لا تملك قدرة تنافسية كبيرة، وتعجز بحكم ضعف قوتها الاقتصادية والعسكرية عن حماية مصالحها الحيوية والقومية. وقد ساهمت عولمة المبادلات التجارية في مضاعفة حدة التنافس على الأسواق بطريقة متوحشة تتجاهل كل مبادئ سيادة الدول، وتفرض عليها قوانين تسمح للشركات الكبرى بممارسة هيمنتها الكاملة بأريحية كبيرة وبعيداً عن كل شكل من أشكال المضايقة بناءً على منظومات قانونية شرعتها وطورت بنودها التطبيقية الأولغارشية العالمية التي باتت تقرِّر مصير الدول بمعزل عن إرادة الشعوب.

ويرى الباحث الفرنسي «فليب بولنجي» أن الحروب الاقتصادية ليست ظاهرة جديدة ولكنها تعود بنا القهقرى إلى قرون طويلة من التاريخ الإنساني، بعد أن ساهمت عولمة المبادلات في مضاعفة حدة وشراسة استراتيجيات الدول والشركات الكبرى على مستوى التنافس الاقتصادي. وبالتالي فإن الرهان الأساسي يكمُن، بحسب ما يذهب إليه «بولنجي»، في السيطرة على المعلومة وفي التحكم في المبادلات الاقتصادية على اختلاف أنواعها، وفي ممارسة نوع من الهيمنة على الموارد الطبيعية والاستراتيجية، مثل المياه والبترول والغاز والأورانيوم، والأمثلة على ذلك عديدة وفق ما تشير إليه النماذج التي يمكن أن نستقيها من التاريخ الحديث والمعاصر. وهناك فضلاً عن ذلك أسباب عديدة أدت إلى ظهور هذا البعد الاقتصادي الجديد في الصراع الذي بدأ يشهده العالم، من بينها انهيار الاتحاد السوفييتي وازدياد حدة الهيمنة الأمريكية، إضافة إلى تطور وسائل النقل ما بين القارات والتدخل المباشر للدول في معركة الاستخبارات الاقتصادية، وانتشار الاقتصاديات المافيوية والجرائم المالية.

ويشير بعض الباحثين إلى أن الطابع الأمريكي للعولمة الاقتصادية التي شهدها العالم مع نهاية الحرب الباردة، تبلورت أولى ملامحه الرئيسية انطلاقاً من تصريحات الرئيس الأمريكي بيل كلينتون الذي أشار في ديسمبر/كانون الأول من سنة 1992، إلى أن التوجهات الاستراتيجية الكبرى لبلاده، تتحدّد في سياق عالم بات يُنظر إليه على أنه دخل في سياق تنافس اقتصادي مفتوح، يجري التعامل من خلاله مع كل دولة على أساس أنها تمثل مؤسسة اقتصادية كبرى، وهذا ما جعل الولايات المتحدة تنتقل بداية من التسعينات، من القرن الماضي، من سياق الحرب الباردة إلى حرب جديدة ذات طابع اقتصادي في زمن السلم العسكري الهش الذي بات يعرفه العالم في المرحلة الراهنة.

ويمكن القول في السياق نفسه، إن البعد الأكثر تدميراً لهذه الحروب الجديدة يتصل بالمجال المالي، حيث يذهب جون فرانسوا غايرود في كتابه الموسوم: «فن الحرب المالية» الصادر سنة 2016، إلى أن هذه الحروب هي حروب حقيقية تقتل وتفقر الشعوب، وهذه الوضعية الاستراتيجية غير المعهودة يمكن تفسيرها انطلاقاً من القوة الجديدة التي بات يمتلكها الفاعلون الماليون مثل بنوك الأعمال والصناديق الاستثمارية ومليارديرات «وول ستريت»، حيث تبلور منذ حقبة الثمانينات من القرن الماضي، نظام مالي معوّج، ذو طبيعة معولمة وسامة في بعض جوانبها، عمل على بناء ممالك افتراضية معزولة، وساهم في تضخيم اقتصادات غير منتجة قامت بالإغارة على الدول والشعوب المقهورة.

لقد بدأت الولايات المتحدة حربها المالية على العالم عندما أعلن الرئيس نيكسون عن نهاية مرحلة قاعدة نظام الصرف بالذهب، موقفاً بذلك تبديل الدولار بالذهب، ومنهياً في الآن نفسه، اتفاقية بريتون وودز، وكل التفاهمات التي كانت تربط ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين. ونجح نيكسون في جعل العملة الأمريكية تتصدر قمة الاقتصاد العالمي في كافة المجالات، وذلك بعد أن تعوّدت الإمبراطورية الأمريكية على العيش وفق مستويات تفوق إمكاناتها ومقدراتها المالية الحقيقية، إلى درجة أنها لم تعد تجد أدنى حرج في التعايش بشكل طبيعي مع مديونية خيالية، لتتحول بذلك المديونية الأمريكية إلى مديونية عالمية نتيجة لهيمنة الورقة الخضراء على الاقتصاد العالمي.

ونستطيع أن نخلص في نهاية هذه المقاربة السريعة، إلى أن هناك في المرحلة الراهنة أمثلة كثيرة للحروب الاقتصادية التي باتت تهدد دول المعمورة، فالتنافس الاقتصادي الذي يجري حالياً بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ في إفريقيا، سواء تعلق الأمر بالنفط أو الأسواق التجارية أو المشاريع الاقتصادية والخدماتية، كلها مؤشرات تنبّهنا إلى خطورة الأوضاع في المرحلة الراهنة، ومن غير المستبعد أن يتخذ هذا التنافس المحموم أبعاداً أكثر مأساوية من شأنها أن تهدد استقرار الشعوب الإفريقية في المقام الأول، ومعه السلم العالمي على المدى البعيد، وبخاصة أننا في مواجهة منطق عالمي جديد لا مجال للحديث فيه مرة أخرى عن الحقوق الاقتصادية للشعوب، ولا عن سيادة الدول الوطنية، التي باتت قاب قوسين أو أدنى من خسارة حربها الطاحنة ضد العولمة بأشكالها السياسية والثقافية والاقتصادية.

(المصدر: الخليج 2016-10-23)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد