التورق المالي ينتقل للعمل تحت الأرض

شركة سكيو كابيتال، المتخصصة في الدخل الثابت، استثمرت في التورق المالي منذ عام 2009، لكن في الآونة الأخيرة كان عليها أن تطور قدراتها للنظر في أنواع جديدة من الاستثمار.

يقول جريج برانش، كبير الإداريين للاستثمار: "هل نشهد فرصا مثيرة للاهتمام؟ نعم. هل يتم إطلاقها علنا؟ لا". تصريحاته تترد في جميع أنحاء صناعة التورق المتعثرة في أوروبا، حيث يتم تقديم القروض وبيعها للمستثمرين باعتبارها منتجات مثل السندات. السوق تضاءلت في الأعوام الأخيرة، وكثيرون يلقون باللائمة على الضوابط الصارمة التي أفضت إلى إصدارات أقل. المصارف الاستثمارية، من "نومورا" إلى "دويتشه بانك"، خفضت من دوائر التورق المالي فيها، والمصرفيون والتجار تركوا الصناعة. المستثمرون يبتعدون عن الأسواق العامة إلى عالم الصفقات الخاصة الأقل شفافية. ومن الصعب قياس عدد الصفقات الخاصة، لكن مستثمرين ومصرفيين يقولون إن التدهور في صحة الأسواق العامة قد زاد الطلب بشكل كبير. إيريك باركر، خبير الاستراتيجية في الأوراق المالية المدعومة بالأصول في "نومورا"، يقول إن بعض الصفقات يمكن أن تحدث دون أن تزيد بشكل فعال من حجم التداولات في الأسواق. "سكيو" استثمرت في التورق في مجال الطاقة الشمسية، مثلا. ويشير آخرون إلى صفقات في سوق الأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية التجارية، حيث يتم بيع قروض العقارات باعتبارها أوراقا مالية قابلة للتداول. يقول باركر: "فعليا، نحصل على صفقة خاصة تماما لا تزيد أي شيء في أحجام التداول". البيانات من الأسواق العامة تبقى ضعيفة. وبحسب جمعية الأسواق المالية في أوروبا، الإصدارات الجديدة التي اشتراها المستثمرون في النصف الأول من هذا العام كانت بقيمة 43 مليار يورو، و82 مليار يورو لكامل عام 2015، مقارنة بـ 419 مليار يورو في عام 2007. ووفقا لـ "نومورا"، طلبات الاسترداد تتجاوز 100 مليار يورو سنويا. بالنسبة لبعض الصفقات الجديدة التي تتسم بشيء من المخاطر عند التنفيذ والبيع في الأسواق، مثل تورق "سيربيروس" للقروض العقارية في مصرف نورثرن روك هذا العام، غالبا ما يصطف المستثمرون مقدما بشكل خاص غير معلن. ستيف جاندي، رئيس حلول أسواق رأس مال السندات في مصرف سانتاندر، يقول: "أحيانا بالنسبة للصفقات ذات الشرائح الكبيرة التي قد يكون من الصعب على السوق العامة استيعابها، يبدو منطقيا إلى حد كبير التفاوض بشكل سري مع مستثمر ذي موارد مالية كبيرة على استعداد لبذل كثير من الجهد للاشتراك في كل الشريحة أو معظمها". التطورات الحالية في السوق، والرغبة في إنهاء الصفقات مقدما، تعد علامة على تغييرات في السيولة - السهولة التي يمكن للمستثمرين من خلالها شراء وبيع الأوراق المالية. شركات التداول التي توفر السيولة للذين يحتفظون بأوراق مالية مدعومة بالأصول، تضررت بشدة خصوصا من التخفيضات في المصارف الاستثمارية. يقول برانش: "الأمر سيئ بشكل ملحوظ. قبل ثلاثة أو أربعة أعوام كان بإمكاننا الذهاب إلى عشرة مصارف مختلفة والحصول على عروض من ستة أو سبعة منها. الآن لا نستطيع حتى الذهاب إلى مصارف لأن عددا منها خرج من هذا المجال". بعض الصفقات مدرجة بشكل علني جزئيا مع عدم وجود علامة على التداول، لأن المشترين يحتفظون بها حتى موعد الاستحقاق. مثلا، قرض من مورجان ستانلي إلى شركة كابتيال آند ريجينال البريطانية لإدارة الأصول العقارية، مدرج جزئيا في بلومبيرج على أنه سندات، لكن لم يتم تداوله علنا. سوق التورق الاصطناعية، حيث يتم نقل المخاطر من خلال التأمين على أصول المصرف، هي مجال آخر يتم فيه كثير من الصفقات بشكل خاص. هذا العام، وافق مصرف سانتاندر على عملية تورق اصطناعية مع "بي جي جي إم". وتقدر الهيئة المصرفية الأوروبية أن الإصدار كان بقيمة 60 مليار يورو العام الماضي، مقابل 40 مليار يورو في العام السابق.

تقلص آخر في السوق العامة من المرجح أن يعني أن الطلب على الاستثمارات غير الملاحظة سيزيد. وتأتي التطورات على الرغم من جهود المفوضية الأوروبية لدعم سوق التورق المالي التي تعتبرها محركا مهما للإقراض والنمو.

وتسعى بروكسل إلى جعل التورق بسيطا وشفافا وموحدا وقد ناقش البرلمان الأوروبي الثلاثاء الماضي خططا تستهدف الوصول إلى هذا الهدف. لكن برانش يقول: "إنها تخفض السيولة. إنها تخفض الشفافية. الصفقات أكثر تكلفة. المنظمون يحققون تماما عكس ما يقصدونه".

(المصدر: فايننشال تايمز 2016-10-18)