Date : 26,04,2024, Time : 01:46:05 AM
4298 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 15 محرم 1438هـ - 17 أكتوبر 2016م 01:05 ص

تحديات كبيرة أمام الإخوان المسلمين

تحديات كبيرة أمام الإخوان المسلمين
د. سعيد الشهابي

جماعة «الاخوان المسلمين»، الاقدم من بين المشاريع الهادفة لاقامة الحكم الإسلامي، تعيش ظروفا صعبة تهدد بالمزيد من التداعي في كيانها. وهذه الظروف متعددة بتعدد مواقع الحركة في البلدان التي تعمل فيها. ففي مصر تواجه مصاعب تختلف عنها في سوريا او الاردن او اليمن او المغرب او السودان. يضاف إلى ذلك ما يسود من لغط في اوساطها، سواء حول تاريخ التأسيس والنشأة، ام دورها في عالم اليوم، ام عن مدى قدرتها على استيعاب الاجيال الجديدة، ام على ظروف مشاركاتها في الحكم، ومدى نجاح تجاربها او اخفاقها.

ومن الضرورة هنا التأكيد على ان الحركة محكومة بالقوانين الطبيعية والسنن الالهية التي تحكم الكيانات السياسية والاجتماعية، سواء كانت حكومات ام حركات. وما يقال عن جماعة الاخوان، ينطبق كذلك، في مجمله، على الحركات الاخرى، خصوصا حزب الدعوة الإسلامية في العراق، الذي يواجه، هو الآخر، امتحانا شاقا بعد ان اصبح شريكا اساسيا في حكم العراق، واتهم كبار بعض رموزه بالفساد المالي والاداري. ومن المناسب جدا قراءة اوضاع الحركتين اللتين تمثلان طليعة التوجه الإسلامي النهضوي الحديث في العالم العربي، بشقيه السني والشيعي. ولكي تكون القراءة واعية فالاجدر ان لا تنطلق من مشاعر مذهبية او طائفية لأن ذلك لا يحقق الهدف. بل المطلوب تقييم مسار اكثر من نصف قرن من الحراك الإسلامي المعاصر: ظروف التأسيس، اهدافه، معوقاته، التحديات المحلية والإقليمية والدولية التي تواجهه، واقعه، ومستقبله.

في الاسبوع الماضي اثير اللغط حول تصريحات اطلقها نائب المرشد العام للاخوان المسلمين، حول علاقة بعض عناصر الجماعة مع اجهزة الامن المصرية، الامر الذي أساء البعض فهمه واحدث ارباكا في اوساط الجماعة. تلك التصريحات كانت توثيقا لمسار تاريخي للجماعة التي تعرضت للاضطهاد منذ تأسيسها قبل قرابة العقود التسعة. ومن المؤسف جدا ان تستدرج الحركة لنقاش مثل هذا في الوقت الذي تعيش فيه أسوأ اوضاعها وأشدها محنة وضغطا. وثمة امور عديدة يجدر ذكرها هنا:

الاول ان جماعة «الاخوان المسلمين» استعصت على الانقراض، برغم ما تعرضت له من قمع في العديد من البلدان خصوصا بلد المنشأ، مصر. وآخر هذه الحملات الانقلاب العسكري على الحكم الذي ارتبط باسمها برئاسة الدكتور محمد مرسي. وهذا يؤكد قانونا اثبتته التجارب مفاده ان القمع والاضطهاد والتنكيل لا يقوض الحركات ولا يهزم الافكار، مهما كانت قسوته، وان كان قادرا على الحاق الاذى بالمجموعات وربما تدميرها تدريجيا. لكنها سرعان ما تستعيد توازنها وتعيد تنظيم صفوفها.

الثاني: ان الحركة فقدت اغلب عناصرها التاريخية بمرور الوقت، وهو امر طبيعي لاية حركة يمتد بها العمر. وهذا ليس المشكلة، بل الازمة تكمن في مدى قدرتها على استيعاب عناصر جديدة في ظل قيادات انهكها طول السير وتغيرت الظروف التي عاشتها، واصبحت غير قادرة على استيعاب حقائق الواقع المتجددة. والواضح انها عجزت عن تجديد قياداتها او استيعاب مستلزمات الاجيال الجديدة التي تنتمي لزمان مختلف تماما وهموم لا ترتبط بالسياسة او الدين او القيم.

الثالث: ان الحركة، كما هي اغلب الحركات الإسلامية، استهدفت بشكل ممنهج ليس من اجهزة الحكم في بلدانها فحسب، بل من القوى الكبرى التي ترى فيها تهديدا لنفوذها خصوصا حين تبدو جادة في طرح مشروعها الحضاري. وقد رفع الاخوان شعار «الإسلام هو الحل» كثيرا، خصوصا في الحملات الانتخابية في عهد حسني مبارك. الامر الذي ينطوي على ما يقلق مناوئي المشروع الإسلامي. يضاف إلى ذلك ان الشعار الذي يستطيع جذب الجماهير، هو نفسه الشعار الذي يستفز الانظمة والقوى الغربية التي ترى فيه منافسا قادرا على توفير البديل. وقد لوحظ ان هذا الشعار، برغم مبدئيته وانسجامه مع ايديولوجية الجماعة، قد أبعد عن الواجهة.

الرابع: ان الحركات ذات الايديولوجيا الدينية ليست محصنة من داخلها ضد تأثيرات تجارب الحكم ومقتضياته وتأثيراته وقوانينه. والاخوان وغيرهم من الحركات محكومون جميعا بالقوانين الطبيعية والسنن الالهية، فان لم تنجح في ادارة الحكم فانها ستسقط. الخامس: تعددت المشارب داخل التنظيم الواحد، واصيب بتصدعات متكررة، واصبح هناك اكثر من تنظيم باسم الاخوان في الإقليم الواحد، كما هو الحال في الجزائر والسودان وتونس. ومع ان الثقافة العامة بقيت واحدة تعود بجذورها إلى الشهيد حسن البنا الذي اسس الجماعة في 1928 واستشهد في 1949، ولكن اختلفت المواقف السياسية وتعددت التنظيمات، وحدثت انشقاقات عديدة. السادس: ان الفروع التنظيمية للاخوان لها تحالفات مختلفة. فمن بينها المبدئي الذي يؤمن بوحدة الامة ويرفض الطائفية والتمزيق، ومنها ما يكفر الآخرين. كما ان مواقف الاخوان، كما هي مواقف التوجهات الاخرى، تتباين باختلاف الظروف، فهناك من يتمتع بعلاقات جيدة مع إيران مثلا وحلفائها، ومنها من ليس كذلك. ولدى الجماعة علاقات مع تركيا نظرا لتناغم الطرح الايديولوجي، وقد وفرت لقياداتهم ملجأ آمنا في السنوات الاخيرة، كانوا بحاجة اليه. السابع: ان الجماعة تعرضت لاستهداف متواصل من قبل انظمة الحكم المناوئة لها. وساهم في ذلك غياب الموقف الواضح لدى قياداتها حول انظمة الحكم في المنطقة. فقد استهدفت بشدة خلال حكم عبد الناصر واكتظت السجون بقياداتها وكوادرها، ثم جاء السادات ليفتح صفحة جديدة معهم وليطلق الكثيرين منهم في العام 1972 في ذروة ازمته مع السوفيات. وفي الثمانينات عاش الاخوان المصريون حقبة انفراج متميزة وشاركوا في الانتخابات عدة مرات، وانشأوا مؤسسات دينية ورعوية عديدة ساهمت في توسيع حضورهم المجتمعي. وتأرجحت علاقاتهم مع الرئيس حسني مبارك في العقدين التاليين، حتى ساءت مع نهاية التسعينات وسيقوا إلى المحاكم العسكرية. وجاء الربيع العربي ليوفر لهم فرصة العودة للحياة السياسية بشكل فاعل عن طريق صناديق الاقتراع، حتى انقلب العسكر عليهم في 2013 واعيد فتح السجون لهم بعد ان قتل الآلاف منهم عند مسجد رابعة العدوية ومسجد.

الثامن: ان تجربة الاخوان لا تنحصر بمصر، بل توفرت لهم فرصة الحكم في تونس ولكنهم لم يحسنوا الاستفادة منها برغم شعور قادة حركة النهضة انهم اكثر حظا من اخوان مصر. وقبل بضعة شهور حدثت مشادات بين قادة الاخوان خلال اجتماع عقد في تركيا، ظهر شيء منها في رسالة مفتوحة قدمها الشيخ راشد الغنوشي للمؤتمرين، مهددا بالانسحاب من الجماعة والتخلي عما يسمى مشروع «الإسلام السياسي». وكان الشيخ الغنوشي اكثر ارتباطا بالمرحوم الدكتور حسن الترابي الذي كان له، هو الآخر، تجاربه مع حكام السودان منذ نصف قرن. ولكن تلك التجربة انتهت بالطلاق مع نظام البشير الذي انقلب على حكومة الصادق المهدي المنتخبة في 1989، بدعم «الجبهة الإسلامية القومية» بزعامة الترابي. واستقبل السودان في التسعينات كوادر «النهضة» التونسية الذين فروا من بطش زين العابدين بن علي. وسرعان ما دب الخلاف بين الترابي والبشير فعاد الترابي إلى السجن مجددا.

يمكن القول ان «الاخوان المسلمين» اليوم يواجهون اصعب حقبة في تاريخهم لاسباب عديدة: اولها غياب قياداتهم التاريخية التي ارتبطت بمرحلة التأسيس، الامر الذي افقد التنظيم العمق التاريخي الذي مثله اولئك الرموز مثل مصطفى مشهور (2002) ومحفوظ نحناح (2003) وحسن الترابي (2016) وحسن هويدي (2009). ثانيها: استهدافهم كرأس حربة للإسلام السياسي في العالم العربي، وتوجيه الاتهامات لهم جزافا بالتطرف والعنف، وثالثها: تكثيف الضغوط عليهم بعد فشل استئصالهم لاحتواء تأثيرهم واشغالهم بقضاياهم الداخلية، تارة بالدعاية المضادة إلى حد «شيطنتهم» وتشويه صورتهم حتى لدى المتعاطفين معهم، واخرى بالتهديد الامني، وثالثة بالاختراق، رابعها: اشغالهم بالبلبلات الإعلامية وتأثر قياداتهم بالتطورات السياسية تارة وسياسات الحكومات الهادفة لتحييدهم او احتوائهم، وجنوحهم لتحقيق مكاسب آنية على حساب المواقف المبدئية. وخامسها: محاولات استدراجهم للمشروع الطائفي لابعادهم عن اهدافهم التغييرية وتحييد دورهم في توحيد الامة واستعادة وعيها ونهضتها. ثمة حاجة ضاغطة لصحوة اخوانية تمنع تداعي اعرق الحركات الإسلامية المعاصرة، فذلك ليس لصالح المشروع الإسلامي.

(المصدر: القدس العربي 2016-10-17)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد