بين الفعل والانفعال
ن الطبيعي أن نجد تضارباً في الآراء في أي مجتمع، خاصة في أمور تحتمل الخلاف وليست حقائق ثابتة، ومن الطبيعي أن نبحث عن المتسبب في أي خسارة، ومن الطبيعي أكثر أن يكون معظم العبء على كاهل المدرب مهما كانت سمعته، والمدربون كلهم يعرفون ذلك، ويدركون أنها من مخاطر المهنة، ومن الطبيعي أن ينفعل الناس في كرة القدم، لأن هذه اللعبة بالأساس لعبة العواطف والانفعالات.
ولكن من غير الطبيعي أن نسمع لغة جديدة في الشارع الكروي الإماراتي، وصلت حد التشاتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكنت أنا أحد ضحاياها، لأنني غردت بما قد لا يشتهي البعض، أو بما لا يتوافق مع آرائهم.
بالطبع من حق الناس أن تدلي بآرائها، ولكن ليس من حقها أن تشتم، والقوانين في الدولة واضحة وصارمة، وتبين لي أن البعض كان «يكتم» حنقه على مهدي، والدليل إبراز التصريحات القديمة والفيديوهات والتغريدات التي تطالب بإقالة الرجل، حتى وصل «الهاشتاق» إلى «ترند»، ومن الطبيعي أن تتم الإقالات في عالم الكرة، حتى أثناء البطولات الكبيرة والشواهد بالآلاف، ولكن ليس عدلاً أن يتم تجريد الرجل من كل ما فعله من إنجازات «قالوا صدفة، وقالوا شو يعني كأس الخليج، وقالوا الفوز على اليابان بمساعدة الحكم»، وهو كلام لم نسمعه وقت تحقيق تلك الأمور.
ونحن ندرك أن كرة القدم تتعلق بالنتائج، ولهذا سقط أكبر المدربين في العالم، رغم إنجازاتهم، مثل سكولاري ومورينيو وكابيلو وإيريكسون، وبالتالي فلن يكون مهدي علي استثناء، رغم أنه الاستثناء كمدرب مواطن، ولكن البعض يقول لا يمكن التضحية بالمستقبل من أجل الماضي، ويقول البعض الآخر ليغيروا ما شاؤوا من الأسماء، لأن التوليفة لم تكن متناسبة وطموح الإماراتيين «المشروع»، بالوصول لكأس العالم، وربما كان وجع الخسارة القاسية أمام السعودية أكثر إيلاماً، لأن الأبيض «سوّدها» في ذلك اليوم، ولم يقدم ما يشفع له لا كلاعبين ولا كمدرب، ما يمتص غضب الناس، ليس من الخسارة، بل من طريقة الخسارة.
من الطبيعي أن ننفعل ومن الطبيعي أن نقول كلاماً وقت الانفعال قد نجده قاسياً عندما نهدأ، ولهذا أتمنى أن تسود لغة العقل والمنطق لدى الجميع، وأن تكون النقاشات حضارية راقية، لأن هدف الجميع من دون استثناء هو منتخب قوي منافس ويُبّيض الوجه أينما ذهب وحيثما لعب.
(المصدر:الإتحاد2016-10-16)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews