بفضل الخلاف الروسي الامريكي وفي ظل الموافقة الصامتة لموسكو تقوم ايران بتحقيق مصالحها في الشرق الأوسط
الصراع على المكانة بين روسيا والولايات المتحدة فيه من هو منتصر، كما يبدو. ليس الحديث عن الرئيس الروسي فلادمير بوتين. صحيح أنه نجح في الوقت الذي فشل فيه زعماء روسيا الذين سبقوه على مدى مئة عام – في تقزيم مكانة الولايات المتحدة وابعادها عن طموحاتها في الشرق الاوسط. إلا أن الصراع بين بوتين واوباما وكل من سيأتي بدلا منه، ما زال بعيدا عن النهاية. وبوتين ايضا، رغم القوة التي يحاول اظهارها، لديه قيوده الخاصة. إن الرابح من الخلافات الروسية – الامريكية هي ايران التي تسير بهدوء من اجل أخذ مكانها وتأثيرها الذي يمتد من طهران حتى شواطيء البحر المتوسط.
انجاز ايران هذا يعبر عن سخرية القدر. قبل ست سنوات، عند اندلاع “الربيع العربي” كان يبدو أن التحولات في العالم العربي كانت ستنزل ضربة بجهود ايران في محاولتها لانشاء “خط المقاومة الخاضع لتأثيرها والذي يمتد من طهران ومرورا ببغداد ودمشق وانتهاء ببيروت وغزة. وفي نهاية المطاف، لم يكن الربيع العربي صحوة عربية سنية وجهت ضد تهديد ايران وضد الشيعة أكثر مما هي ضد اسرائيل. فرأت ايران كيف أن الاسلام السني الراديكالي – المتمردون في سوريا أو داعش في حدود سوريا العراق – سيهدم مواقعها في سوريا والعراق ولبنان ايضا.
إلا أن تدخل روسيا في سوريا في ايلول 2015 قد غير الوضع. فقد أنقذت روسيا بشار الاسد من سقوطه المؤكد وأعادت اليه أجزاء واسعة من سوريا. لكن روسيا لم تأت وحدها. المبدأ الذي أسست عليه موسكو عودتها الى المنطقة كان ايراني – شيعي. والتدخل الروسي في سوريا يعتمد كما هو معروف على محاربين ايرانيين وشيعة يستكملون عمل الطائرات الروسية ويحاربون حرب موسكو على الارض.
لكن الايرانيين لا يأتون من اجل محبة بشار الاسد أو بوتين، وهم ليسوا احجار شطرنج لبوتين. ففي آب الماضي أظهر مسؤول في حرس الثورة الايراني أن طهران تسعى الى اقامة “جيش تحرير شيعي” يعتمد على متطوعين شيعة من افغانستان، باكستان والعراق وايضا من حزب الله. هذا الجيش ستكون وحداته مشكلة على أساس عرقي: كتيبة افغانية (الفاطميون) وكتيبة باكستانية (الزينبيون) وكتيبة عراقية (الحيداديون)، والى جانبها بالطبع حزب الله اللبناني. هذا الجيش سينتشر في جبهات الحرب المختلفة التي تشارك فيها ايران، بدءً من اليمن ومرورا بالعراق وانتهاء بسوريا. وقد ساعد هذا الجيش في انقاذ بشار الاسد وصد داعش عن أبواب بغداد، لكن هدفه النهائي، حسب المسؤول الايراني، هو القضاء على دولة اسرائيل التي تعتبر ايران أن الصراع ضدها هو الأكثر أهمية.
هناك من اعتبر هذا التصريح وتصريحات اخرى سمعت من طهران كأقوال انفعالية لا أساس لها. ولكن في هذا الاسبوع تحدثت وسائل الاعلام في الغرب عن نوايا ايران انشاء ممر بري بين طهران وشواطيء البحر المتوسط. وتشمل هذه الخطة ادارة جهازين مركزيين: الاول في مدينة حلب في سوريا، حيث تقوم روسيا وايران بقضمها في الاسابيع الاخيرة. والى جانب ذلك المعركة التي تهدف الى احتلال الموصل في العراق من سيطرة داعش وضمان تقوية السيطرة الشيعية في العراق وضم العراق لسوريا.
إن طريق خلق ممر شيعي نظيف من العرب السنة من طهران الى بيروت ما زالت طويلة. ولكن في ظل الخلاف الروسي الامريكي، وبالمباركة الصامتة من موسكو، تقوم ايران بتحقيق مصالحها في المنطقة. أقوال المرشح الجمهوري ترامب بأن الاسد وروسيا يحاربون داعش ويخدمون المصالح الامريكية، قد تشير الى رياح جديدة في الغرب تعتبر أن ايران شريكة وتواجدها في سوريا والعراق شيئا ضروريا. وهذا الامر غير مريح ومقلق بالنسبة لاسرائيل.
اسرائيل اليوم 14/10/2016
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews