تجربة دنماركية للرياضة المصرية

ذهبت مؤخراً إلى العاصمة الدنماركية كوبنهاجن لإجراء حوار مع لارس ريين سورينسن، رئيس مجلس إدارة شركة نوفو نورديسك.. أكبر شركة فى العالم تقوم بتصنيع الإنسولين اللازم لعلاج مرض السكر.. والرجل الذى تم اختياره العام الماضى كأفضل وأنجح رئيس تنفيذى فى العالم كله.. وبعد الحوار الطويل الذى دار عن مرض السكر والإنسولين والمستقبل فى مصر والعالم كله.. كان لابد أن أسأله عن الرياضة.. ففى كل بحوث نوفو نورديسك ومؤتمراتها نجد الدعوة والحرص على ممارسة الرياضة وضرورتها، سواء كوقاية أو علاج لمرض السكر.. ورغم ذلك لم أجد أبداً نوفو نورديسك كأحد رعاة أى حدث أو بطولة رياضية رغم أنها الشركة الأكبر فى مجالها وتنمو أعمالها وأرباحها عاماً وراء آخر.. فقال لى لارس سورينسين إنهم فى نوفو نورديسك رفضوا الرعاية التى من شأنها لفت انتباه العالم إلى اسم الشركة وشعارها.. فلم يكونوا فى أى يوم أحد رعاة اللجنة الأوليمبية الدولية أو الفيفا أو أى بطولة رياضية كبرى فى أى لعبة.. إنما فضلوا أن يكونوا رعاة حقيقيين ودائمين لفكرة أن يتحرك ويلعب كل إنسان حتى يتحقق الهدف من هذه الرعاية.. قال لى لارس سورينسين أيضاً إنه لا يعنيه أن يرى الناس اسم أو شعار نوفو نورديسك على شاشة التليفزيون أثناء أى حدث رياضى قدر أن يمارس هؤلاء الناس أنفسهم الرياضة بمختلف ألعابها.. ولهذا لن نجد نوفو حاضرة فى البطولات الكبرى إنما ستكون هناك فى أى سباق أو احتفال للمشى مثلا.. وابتسم سورينسين وهو يقول إن نوفو على سبيل المثال اختارت أن ترعى وتهتم بفريق مصرى اسمه كايرو رانرز لأنه ينظم سباقات كثيرة للجرى يشارك فيها كل من يريد أو من يستطيع.. وهذا بالضبط هو الذى تريده نوفو نورديسك..

هذا أيضاً هو ما يمكن أن نتعلمه من حديث وفكر هذا الرجل.. فمن الممكن أن تقوم شركات كبرى هنا فى مصر برعاية بطولات ومؤسسات رياضية كبرى.. ومن الضرورى فى المقابل أن تكون هناك شركات كبرى أيضاً يختلف أسلوب رعايتها أو دعايتها الرياضية لتكون نوفير مناخ يسمح بممارسة الجميع للرياضة.. شركات كبرى تملك المال ولا تكتفى بوضع اسمها وشعارها على شاشات التليفزيون أو فانلات لاعبى كرة القدم.. إنما تتطوع مثلًا بإنشاء ملاعب بسيطة أو ساحات رياضية فى أى مكان يحتاج لذلك أو أى منطقة عشوائية جرى تطويرها مثلما جرى فى منطقة الأسمرات بالقاهرة أو غيط العنب فى الإسكندرية.. أو تُفاجئنا شركة برعاية ساحات رياضية فى أى مدينة بالصعيد أو الدلتا.. وأنا أطالب نوفو نورديسك بأن تكون إحدى هذه الشركات استناداً إلى فلسفتها الجميلة ورئيسها الذى يذهب إلى مكتبه كل صباح بالدراجة رغم السيارات الفاخرة التى يملكها.. ولأن مصر تحتاج لذلك على الأقل من أجل ثمانية ملايين مريض بالسكر جعلوا مصر الدولة الثامنة فى العالم من حيث عدد المرضى.

(المصدر: المصري اليوم2016-09-29)