مفاصل الصناعة
استنزفت عملية الهيكلة المتواترة في قطاع الصناعة قدراً لا يستهان به من فكر المشرع العام، خصوصاً لجنة الإصلاح الإداري واللجان التحضيرية المنبثقة عنها، التي تم حلها لاحقا، وذلك على حساب التشريعات والتنظيمات الأساسية للقطاع ذاته، فالوزارة ما تلبث عادة أن يصدر تشكيلها مناصفة مع وزارة التجارة ثم تعود لتنفصل عنها في مرحلة لاحقة، ملتحقة بدلا عنها بالكهرباء، ثم تعود أدراجها إلى حضن التجارة بعد توأمة المياه مع الكهرباء، وبعد عودة «المياه» إلى مجاريها مع الزراعة، تعود الصناعة للالتحاق مع مولود هيكلي جديد وثالث يسمى الطاقة مضافا إليه الثروة المعدنية، في حين ظل مخزون التشريعات والتنظيمات الصناعية قاصرا ولا يجاري حجم التطورات والتحولات التي ظلت تحدث تباعا في سوق الصناعة المحلي أو العالمي. لا أعرف إن كان إلحاق الصناعة بالطاقة والثروة المعدنية على هذا النحو سيحقق رغبات أرباب الصناعة الذين ظلوا يطالبون بالانفصال عن التجارة، أم أن إلحاقها بوزارة كبيرة تتكون من ثلاثة مكونات أساسية، من بينها الطاقة والثروة المعدنية، سيجعلهم يترحمون على التجارة، وهل زخم التركيز على قطاع الصناعة سيتحقق كما هو مفترض أم سيحصل العكس، خصوصا في ظل وجود ملفات أكثر أهمية وإلحاحا في قطاعي الطاقة والتعدين.
عموما الذي أعرفه أن نظام الصناعة الأساسي مضى عليه أكثر من 50 عاما، إذ صدر في العام 1381 على هيئة حماية تشجيع الصناعة الوطنية، ولم يتغير منذ نصف قرن، ولم يكن ثمة صناعة أو مصانع تذكر في ذلك الحين سوى بعض مصانع الأسمنت القديمة، وعليك أن تتخيل حجم التطورات الصناعية ومتطلبات التنافسية المحلية والخارجية منذ ذلك الوقت وإلى اليوم، خصوصا بعد أن أصبحت لدينا قطاعات صناعية متعددة وسوق استهلاكية كبيرة وطاقة رخيصة، ورغم ذلك كل شيء تغير أو تبدل بالكامل سوى هذا النظام «الأساسي» للصناعة، الذي ظل صامداً لا يتزحزح ولا تهزه رياح التغيير.
هذا بالمناسبة مثال حي على بطء استحداث الأنظمة أو إعادة إنتاجها وفقا للمتغيرات الزمانية، وأن الميكانيزم المطبق لاستحداث هذه الأنظمة أو تطويرها الذي لم يتغير يحتاج هو الآخر إلى تغيير، فضلا عن أن الصناعة أصبحت تشكل اليوم نقطة جذب كبرى لكل الأمم والحكومات التي نجحت من خلالها في تحقيق عملية التحول الاقتصادي.
(المصدر: عكاظ 2016-09-26)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews