الإختناق المالي التركي في تصاعد

تراجعت الليرة التركية بنسبة %40 منذ العام 2013 وفقدت تركيا مستوى تصنيف مقبول من اثنتين من أفضل ثلاث شركات تصنيف دولي. ويفقدها ذلك القدرة على جذب الاستثمارات من صناديق المال العالمية، واعتبرت تركيا تخفيض التصنيف الدولي عملاً سياسياً غربياً وذلك على لسان رئيسها اردوغان.إنتقد الرئيس التركي اردوغان شركات التصنيف المالي الدولية معتبراً انّ تخفيضها تصنيف تركيا المالي دولياً هو سياسي بامتياز. واضاف انه لا يهتم بهذه التصنيفات مؤكداً انّ الاقتصاد التركي قوي وسوف يبقى كذلك.

امّا الرد فجاء سريعاً من قبل هذه الشركات، إذ عمدت مؤسسة موديز بعد يوم واحد من تصريحات اردوغان الى تخفيض اضافي لدرجة تصنيف تركيا الى مستوى التوصية بعدم الاىستثمار فيها. وانطلقت موديز في تخفيض التصنيف لتركيا من مخاطر ضعف النمو الاقتصادي وزيادة المخاطر من حلول صدمة مالية كبيرة.

وتعتبر موديز انّ تركيا سوف تجد صعوبات كثيرة في الحصول على التمويل من الخارج وتراجع اساسيات التسليف والتباطؤ الاقتصادي.

وتحذّر موديز من تراجع مفاجىء لدخول العملات الاجنبية الى تركيا وهبوط كبير وريع للاحتياطيات من العملات الاجنبية وأزمة في ميزان المدفوعات، وتوقعت ان يستمر التراجع خلال العامين او الثلاث سنوات المقبلة.

وسوف يضاعف التصنيف الجديد الصعوبات امام تركيا لتمويل العجز في الحساب الجاري، وهو رابع اكبر عجز بين دول مجموعة العشرين.

ومن المتعارف عليه دولياً انّ كبار المستثمرين من صناديق اموال عالمية وغيرهم يشترطون تصنيف جديد من اثنتين من بين الثلاث شركات الاكبر في مجال التصنيف الدولي، وهي فيتش وموديز وستاندرد اند بورز.

امّا بالنسبة لتركيا فلم يعد هناك سوى مؤسسة «فيتش» التي حافظت على التوصية بالاستثمار في تركيا وهذا لا يكفي ممّا يعكس الوضع الصعب الموجودة فيه تركيا في الوقت الراهن.

وكانت الليرة التركية تراجعت بنحو 40 % مقابل الدولار الاميركي منذ العام 2013 وحتى اليوم، اي منذ قررت الولايات المتحدة الاميركية التوقف عن التحفيز المالي ممّا رفع مخاطر تحول التدفقات المالية من الاسواق الناشئة الى الولايات المتحدة الاميركية.

وعلى رغم تأكيد تركيا انها تقوم بالاصلاحات الضرورية الّا انّ اسواق المال بدأت تعامل تركيا بحذر، فرفعت كلفة ضمان التسليفات لمدة خمس سنوات ضاعَفتها بالمقارنة مع دول اخرى مماثلة مثل سلوفانيا ورومانيا وزادت الكلفة على تركيا بنحو 40 نقطة أساس أكثر من روسيا.

وتعتبر موديز انّ تركيا معرضة لمخاطر سياسية مرتفعة ممّا يقلق المستثمرين.

ويبدو انّ هجوم اردوغان الحاد على شركات التصنيف الدولية وقبله على الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة الاميركية يكشف مدى تزعزع الثقة وتزايد الهوة بين تركيا والغرب.

وطالما اتهمت تركيا الولايات المتحدة الاميركية ومعها بعض الدول الغربية الكبرى بالعمل على زعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي والمالي التركي وتحديداً بالتواطؤ مع الجهات التي تقف وراء محاولة الانقلاب الاخيرة التي جرت في تموز الماضي.

وتأتي اتهامات اردوغان لتظهر الشكوك بمدى مصداقية مؤسسات التصنيف الدولية وليست هي المرة الاولى التي تتهم فيها هذه المؤسسات حول تصنيفاتها وتوصياتها، لكنها المرة الاولى التي تتهم فيها بأنّ توصياتها تأتي ضمن اطار سياسي اميركي. وهذه هي أبعاد جديدة للشكوك حول مؤسسات التصنيف الدولية.

وبعيداً عن كل ما سبق، تبقى نتائج التوصيات السلبية لاثنتين من هذه الشركات بمثابة الاعدام المالي لتركيا، والتي ستواجه مشاكلها المالية بصعوبة في وقت تبدو بأمسّ الحاجة الى التمويل الدولي.

وفي الختام تبدو تركيا في وضع أسوأ، ما سوف يزيد النقمة وعدم الرضى الداخلي على السلطات التركية الراهنة.

(المصدر: الجمهورية اللبنانية 2016-09-26)