أسعار النفط تتأثر بتوقف الفائض عن التراجع
أعود مرة أخرى إلى الحديث عن واقع سوق النفط العالمي وأسعاره، لارتباط هذا الموضوع بمعطيات الاقتصاد القطري. فبقدر ما تتحسن أسعار النفط ومنتجاته أو تميل إلى الارتفاع، بقدر ما ينعكس ذلك بالإيجاب على الاقتصاد القطري، فيظهر ذلك جليًا في المجاميع الاقتصادية المختلفة كالناتج المحلي الإجمالي والميزان التجاري، وميزان المدفوعات، ومستويات الإيرادات والنفقات العامة للدولة وموجودات البنوك ومطلوباتها، ومؤشرات البورصة، وما إلى ذلك. وقد مالت أوضاع النفط في الأسابيع الأخيرة إلى الاستقرار مع التحسن، إلى الحد الذي توقعت فيه أن ترتفع الأسعار فوق مستوى 50 دولار للبرميل قريبًا، إلا أن ذلك التحسن قد توقف نسبيًا نتيجة توقف فائض المعروض العالمي عن التراجع. فما هي صورة الواقع النفطي الآن مع بدء موسم الخريف، واقتراب موسم الشتاء في نصف الكرة الشمالي؟
أشير بداية إلى أن أسعار النفط تتأثر بين أسبوع وآخر بما يصدر من بيانات عن مستويات العرض والطلب على النفط، في التقرير الشهري لوكالة الطاقة الدولية، والتقرير الشهري لمنظمة الأوبك، إضافة إلى البيانات الأسبوعية لمخزونات النفط الأمريكية التي تصدر مساء الثلاثاء من كل أسبوع. وقد سجلت هذه البيانات الأخيرة في الأسبوع الماضي انخفاضًا على عكس التوقعات، حيث أظهرت أن مخزونات النفط الخام بالولايات المتحدة قد هبطت بواقع 6.2 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 16 سبتمبر مقارنة بتوقعات رجحت زيادتها بنحو 3.4 مليون برميل. وأدت هذه البيانات إلى ارتفاع أسعار العقود الآجلة لخام "نايمكس" الأمريكي بنسبة 2.5% إلى 45.1 دولار للبرميل، بينما ارتفع سعر خام "برنت" بحوالي 2% إلى 46.7 دولار للبرميل. وفي المقابل أظهرت بيانات التقرير الشهري الصادر عن منظمة الأوبك يوم 11 سبتمبر الماضي، أن المعروض العالمي من النفط من خارج دول الأوبك قد ارتفع في الربع الثالث 2016 عن التقديرات السابقة بنحو 290 ألف ب/ي، ليصل إلى مستوى 56.13 مليون برميل. وكان لارتفاع أسعار النفط واستقرارها عند منتصف الأربعينيات تأثير في توقف التراجع في إنتاج الدول خارج الأوبك، وعودته إلى الارتفاع قليلًا بدلًا من مواصلة التراجع، وأثر ذلك على مستوى الفائض.
ومن جهة أخرى انخفض إنتاج دول الأوبك من النفط ما بين شهري يوليو وأغسطس بمقدار 23 ألف برميل يوميًا، إلى مستوى 33.237 مليون ب. وقد جاء معظم الانخفاض من نيجيريا 51.2 ألف ب/ي، وليبيا 21.3 ألف ب/ي، وفنزويلا 12.8 ألف ب/ي، بينما ارتفع إنتاج السعودية بنحو 28 ألف ب/ي وإيران 22 ألف ب/ ي.
وقد ارتفع الطلب العالمي على النفط في الربع الحالي الذي ينتهي في سبتمبر القادم إلى مستوى 95.22 مليون ب/ي مقارنة بـ93.44 مليون ب/ي في الربع الثاني، وأنه مرشح للبقاء قريبًا من هذا المستوى في الربع الرابع من العام بحيث يكون متوسط الطلب على النفط في العام 2016 نحو 94.26 مليون ب/ي، بزيادة مقدارها 1.22 مليون برميل عن مستوى الطلب في عام 2015 البالغ 93.04 مليون ب/ي. وتذهب التوقعات إلى أن الطلب العالمي سيستمر في النمو في عام 2017 بحيث يصل إلى مستوى 95.4 مليون ب/ي في المتوسط.
ومن جهة أخرى انخفضت مستويات المخزونات التجارية في العالم من كل من النفط والمشتقات البترولية بنحو 2.1 مليون برميل فقط في شهر يوليو إلى 3091 مليون برميل مقارنة بـ3093 مليون برميل في يونيو، وهو ما يعادل استهلاك 66.1 مليون ب/ي بدلًا من 66.0 مليون ب/ي في يونيو. لكن رغم هذا التراجع التدريجي، فإن مستويات المخزونات كانت لا تزال أعلى مما كانت عليه في يوليو 2015 عندما بلغت 2915 مليون برميل، تغطي الاستهلاك بمعدل 62.8 مليون ب/ي.
خلاصة ما سبق: نجد أن ارتفاع أسعار النفط قريبًا من 50 دولارا للبرميل لنفط برنت ونحو 45 دولارا لبرميل الأوبك يؤدي إلى توقف التراجع في فائض المعروض العالمي، ومن ثم يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط، ولذا فإن الأسعار مرشحة لأن تبقى دون الخمسين دولارا ما لم يحدث خلل في توازنات العرض والطلب.
(المصدر: الشرق القطرية 2016-09-25)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews