فرص نجاح الاتفاق على خفض أو تجميد الإنتاج
من دون شك، أسواق النفط العالمية تتجه نحو إعادة التوازن ولكن العملية إلى حد ما بطيئة. حالة عدم اليقين بشأن مسار النمو في الاقتصاد العالمي بصورة عامة تحبط توقعات الطلب على النفط. من جانب آخر، لا تزال مخزونات النفط العالمية مرتفعة مقارنة بالمستويات الموسمية، وخاصة بالنسبة للمنتجات المكررة.
تقليديا، أسواق النفط العالمية تنظر إلى منتجي "أوبك" لتحقيق التوازن، والحديث عن اجتماع غير رسمي لوزراء "أوبك" على هامش أعمال المؤتمر الوزاري الـ 15 لمنتدى الطاقة الدولي في الجزائر في 28-26 أيلول (سبتمبر) قد أسهم بعض الشيء في إحداث طفرة في أسعار النفط إلى 49 دولارا للبرميل، ساعة إعداد هذا المقال. لكن سياسة "أوبك" اليوم مختلفة تماما في أسواق النفط الحديثة. وعليه فرص نجاح المنتجين في الاتفاق على خفض أو تجميد سقف الإنتاج لدعم أسعار النفط من المؤكد لا تزال في الوقت الحاضر بعيدة، خصوصا والأسعار قرب 50 دولارا للبرميل.
الجولة الأخيرة من تقارير الأسواق النفطية الشهرية – وخاصة وكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية – شهدت مراجعات أكثر قتامة لتوقعات أسعار النفط والاقتصاد العالمي.
في هذا الجانب، خفضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية من توقعاتها السابقة لأسعار خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت لعام 2016 بأكثر من دولارين للبرميل، ويستمر تداولهما بفارق بسيط. حيث تتوقع أن يكون متوسط أسعار خام غرب تكساس الوسيط هذا العام عند 41.16 دولار للبرميل، بانخفاض 2.41 دولار للبرميل عن أرقامها السابقة. كما خفضت توقعاتها لخام برنت بنحو 2.13 دولار للبرميل إلى 41.6 دولار للبرميل. ويتوقع الآن أن يبلغ متوسط أسعار خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت في العام المقبل 51.58 دولار للبرميل، وفقا لتوقعات إدارة معلومات الطاقة قصيرة الأجل، بانخفاض 57 سنتا للبرميل. ويستند سعر التعادل النسبي لخام غرب تكساس الوسيط وخام برنت على المنافسة بينهما في أسواق ساحل الخليج الأمريكي.
من جانب آخر، في الشهر الماضي خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعامي 2016 و2017 بنسبة 0.1 نقطة مئوية، نتيجة لعدم الاستقرار المالي في أعقاب استفتاء تصويت المملكة المتحدة على مغادرة الاتحاد الأوروبي. وكان رد فعل وكالة الطاقة الدولية خفض توقعاتها لنمو الطلب العالمي للعام القادم بنحو 50 ألف برميل في اليوم، هذا التخفيض كان يمكن أن يكون أكثر شدة لولا التعديلات على البيانات التاريخية. وهناك فرصة لخفض توقعات الطلب على النفط مرة أخرى في الأشهر القادمة. لقد تم خفض أرقام استهلاك النفط في الولايات المتحدة بصورة كبيرة بعد التنقيحات التي قامت بها إدارة معلومات الطاقة على مدى الشهرين الماضيين. حيث اختفى تقريبا مليون برميل في اليوم من الطلب لشهري نيسان (أبريل) وأيار (مايو)، بعد إعادة النظر في تقديرات الإدارة الأسبوعية الأولية ومجموعة البيانات الشهرية الأكثر دقة التي نشرت في نهاية شهري حزيران (يونيو) وتموز (يوليو).
من جهة أخرى، تقول وكالة الطاقة الدولية إن وتيرة نمو الطلب الهندي تتباطأ مقارنة بالمعدلات العالية التي شهدتها في وقت سابق من هذا العام. كما يحذر صندوق النقد الدولي من مخاطر على الاقتصاد الصيني على المدى المتوسط، نتيجة ارتفاع ديون الشركات والطاقات الفائضة. ويحث الصندوق الصين على إجراء إصلاحات عاجلة للاقتصاد، حتى مع احتمال وجود خطر من انخفاض النمو على المدى القريب.
من ناحية الإمدادات، في الشهر الماضي وصل إنتاج النفط الخام لدول أوبك (بما في ذلك الجابون) إلى مستوى قياسي جديد عند 33.35 مليون برميل في اليوم – أي بزيادة قدرها 790 ألف برميل في اليوم منذ شهر آذار (مارس) – كما أن انتعاش الإنتاج الكندي بعد حرائق الغابات في ألبرتا رفع إمدادات أمريكا الشمالية.
إضافة إلى ذلك، الإمدادات من خارج "أوبك" ترتفع بصورة عامة. في هذا الجانب، رفعت "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية توقعاتهما بنحو 100 ألف برميل في اليوم لهذا العام، وفي تقريرها الشهري الأخير رفعت الوكالة تقديراتها للإنتاج من خارج "أوبك" للعام القادم بنحو 200 ألف برميل في اليوم مقارنة بالشهر الماضي. في مقابل هذه التنقيحات التصاعدية للإنتاج من خارج "أوبك"، خفضت الوكالة الطلب الضمني على نفط "أوبك" بمقدار 50 ألف برميل في اليوم لهذا العام وبنحو 200 ألف برميل في اليوم لعام 2017.
على الرغم من هذه المراجعات، أسواق النفط لا تزال تتحرك نحو التوازن. في هذا الجانب تقول الوكالة في تقريرها الشهري الأخير إن أرقامها للعرض والطلب تظهر بشكل خاص عدم وجود فائض في المعروض خلال النصف الثاني من العام. لكن تأثير ذلك سيكون بطيئا، خاصة لأن المنتجين يجب أن يتنافسوا الآن مع النفط الخارج من الخزانات. البعض يطلب من "أوبك" أن تبذل المزيد لضبط الأسعار. في هذا الجانب، تشير بعض المصادر إلى أن فنزويلا ستضغط من أجل التوصل إلى اتفاق من جانب جميع المنتجين لخفض أو على الأقل تجميد الإنتاج عند المستويات الحالية حتى يختفي فائض المعروض من الأسواق ويعود العرض إلى التوازن مع الطلب.
خلال الأسابيع القليلة الماضية، انتعشت الأسواق على خلفية حديث عن تدخل محتمل من قبل المنتجين. حيث ارتفعت أسعار النفط بنحو تسعة دولارات للبرميل منذ بداية الشهر الجاري، وحتى ساعة كتابة هذا المقال. لكن على ما يبدو أن توقعات خفض أو تجميد الإنتاج من غير المرجح أن تتحقق. المملكة العربية السعودية لن تتحمل وحدها عبء خفض الإنتاج دون مشاركة المنتجين الآخرين من داخل "أوبك" وخارجها. هذا هو النهج الذي أدى إلى فشل محادثات الدوحة في نيسان (أبريل) الماضي. وليس هناك سبب للاعتقاد بأن موقف المملكة سيتغير إلى حد كبير.
(المصدر: الاقتصادية 2016-09-01)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews