كوابيس ميركل؟
كانت الحياة في المانيا تسير في هدوء ودقة الساعات السويسرية، فجأة وقعت خمس عمليات إجرامية متتالية في ستة أيام، حصلت تباعاً في حين كان العالم في ذهول، امام العمليات الإرهابية التي ضربت فرنسا وبلجيكا، وكان آخرها ذبح كاهن كنيسة روان الفرنسية بعد مذبحة نيس حيث قتل ٨٤ شخصاً دهساً بشاحنة.
لقد لاحظنا جميعاً ان السلطات الألمانية أبدت رغبة مصطنعة بعد كل عملية قتل، في الإيحاء بأن الذي أو الذين نفذوا الجرائم إما مختلّون عقلياً وإما انهم كانوا في مصحّات، وهذا الحرص على إعطاء هذه الصورة بدا مفهوماً، على خلفية سياسة أنغيلا ميركل الحماسية لإستيعاب اللاجئين، خلافاً لمواقف بعض الدول الأوروبية. ولكن ليس من عادة المختلّين في بلد مثل المانيا ان يخرجوا من المصحات لقتل الناس عشوائياً بالفأس أو بالساطور أو بمسدس يردي الجالسين في المقاهي!
هل كثير إذا قلت إن ميركل المفعمة بالحس الإنساني وبالمسؤولية الأخلاقية تتذوق المرارة في صمت وتكاد ان تختنق، ليس حيال ما يجري في المانيا وحدها بل حيال ما تشهده اوروبا، من تصاعد مرعب لعمليات القتل العشوائي، التي كان من نتائجها السياسية الإستفتاء الذي أخرج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي؟
في مقابلة مع مجلة "در شبيغل" يقول وزير الداخلية الألماني توماس دو ميزيير إن على الألمان ان يعوّدوا أنفسهم على رؤية إجراءآت أمنية مشددة في الفاعليات العامة، هذا أمر مؤسف لكنه صحيح، ليخلص الى القول: "أنا ضد إحداث أي تغييرات أساسية في حريتنا، وخصوصاً في المناسبات السعيدة". لكن ثمة إجراءات قسرية سيضطر دو ميزيير أو غيره الى إتخاذها، لمواجهة او للحد من إحتمال وقوع جرائم إرهابية جديدة، وهي إجراءات ستَحِدّ بالتأكيد من الحرية!
عندما يعترف دو ميزيير ان خطر الإرهاب كان مرتفعاً ولا يزال مرتفعاً، وان هناك مؤشرات لوجود ارهابيين بين اللاجئين، وعندما تقع خمس جرائم متتابعة في ستة أيام، ستفرض الضرورات الأمنية تغييرات أساسية في مسار الحرية في المانيا، بما يعني "تدعيش" نمط الحياة ولو بمقدار صغير، وهذا واقع تصاعدي ستحتمه طبيعة المسؤولية الأمنية!
الدليل على صحة ما أقول، ان دو ميزيير أبلغ مجلة "در شبيغل" ان العنف حقيقة من حقائق الحياة ونحن نفعل ما في وسعنا لمنع حدوثه وعلى المجتمع ان يتحملّ، فهذه حبة مُرّة لا بد من إبتلاعها، لكن هذا يقودنا الى السؤال:
كم حبة سيبتلع الشعب الألماني عندما تسعى الرابطة الإتحادية لمحترفي السباحة مثلاً، الى الحد من تصاعد عمليات الإغتصاب الجنسية في المسابح للنساء والأطفال على أيدي اللاجئين، الى تدريب هؤلاء اللاجئين كي يصبحوا منقذي سباحة، بعد تعليمهم في رسوم بيانية إحترام النساء والأطفال؟!
(المصدر: النهار 2016-07-29)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews