الأسهم تشق طريقها بمعزل عن الاقتصاد الكلي الضعيف

مع أن أسعار النفط أعلى من 40 دولارا، أي أكثر بكثير من مستوى 30 دولارا الذي هبطت إليه في شباط (فبراير) وسط مخاوف من ركود في الولايات المتحدة، إلا أنها تبقى بعيدة عن أعلى مستوياتها للعام، وقلة من الناس هي التي تعتقد أن المستوى الحالي من أسعار الخام كاف لمنح الراحة للجميع في الصناعة.

في الأسبوع الماضي أصبحت "سي آند جيه إينرجي سيرفيسس" أحدث شركة خدمات نفطية في الولايات المتحدة تقدم طلبا للحماية من الإفلاس، من خلال منح المصارف المقرضة لها جميع حقوق الملكية في الشركة التي أعيد تنظيمها.

لكن يبدو أن المستثمرين في البورصة غير قلقين من هذا الأمر وغيره من العلامات المحتملة المزعجة في الاقتصاد الأمريكي. فقد وصل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى عدة مستويات مرتفعة جديدة حتى الآن هذا الشهر، ومؤشر ستاندرد آند بورز 500 للطاقة ارتفع نحو 14 في المائة هذا العام، ليأتي فقط بعد شركات المنافع وشركات الاتصالات.

مع ذلك، لا يوجد سوى القليل على صعيد الاقتصاد أو أرباح الشركات الذي يمكن أن يدفع البورصة للتهليل.

فبحسب دويتشه بانك، معدل النمو السنوي في مقياس المؤشرات الاقتصادية الرائدة تباطأ في حزيران (يونيو) إلى 0.7 في المائة، وهو أدنى مستوى منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2009. صحيح أن نمو الأرباح يتباطأ على مدى سبعة أرباع متتالية بالنسبة للشركات التي تشكل مؤشر ستاندرد آند بورز 500، لكن لا بأس. الأموال السهلة تدعم ارتفاع البورصة إلى نقطة حيث كثير من المستثمرين الآن يعتقدون أن الاحتياطي الفيدرالي لديه ثلاث صلاحيات، وليس اثنتين: تحقيق استقرار الأسعار، والتوظيف – والآن أسعار الأسهم المرتفعة.

مثل هذا الانفصال بين الصورة الضعيفة للاقتصاد الكلي وأسعار الأسهم التي لا تزال متحمسة، يمكن أن يكون أمرا جيدا بالنسبة للمستثمرين الذين يواجهون صعوبة في العثور على استراتيجية مربحة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بقطاع الطاقة.

مثلا، كثير من الشركات في صناعة النفط والغاز لا تزال تملك قيمة سوقية عالية بشكل معقول، بينما يتم تداول سنداتها بأسعار منخفضة للغاية. الأسعار المنخفضة تشير إلى أن قيمة الأسهم ينبغي أن تكون أقل، لأن حاملي الأسهم هم آخر من يقف في الطابور عندما يتعلق الأمر بالمطالبات المالية على أية شركة. علاوة على ذلك، في بعض الحالات، يعتقد المستثمرون أن من المرجح أن تكون الأسهم ضعيفة أكثر لسداد الديون.

لذلك، بعض المستثمرين، بما في ذلك فرع بلاكستون التابع لـ GSOوسابا كابيتال، صندوق التحوط القائم في نيويورك، يبيعون الأسهم على المكشوف ويشترون السندات. يقول بواز وينشتاين، مؤسس صندوق سابا: "في العقدين الماضيين من الاستثمار، عام 2016 يملك أكثر الأمثلة على تداول السندات بأسعار بائسة للغاية، على الرغم من تقييمات الأسهم التي تشير إلى أن الشركات لديها مستقبل". (يقول مستثمرو صندوق سابا، إن التداول في مثل هذه الانحرافات أيضا هو أحد أسباب ارتفاع الصندوق بنسبة 10 في المائة هذا العام).

مثلا، يتم تداول سندات "ويذرفورد إنترناشونال" بسعر يبلغ أكثر قليلا من 70 سنتا على الدولار، وقيمتها السوقية تبلغ نحو 5.2 مليار دولار. "سي دريل" تملك قيمة سوقية تبلغ 1.6 مليار دولار، على الرغم من أنها تملك حملا كبيرا من الديون والسندات لأجل عام متوافرة فقط بسعر 50 سنتا على الدولار.

مثل هذه الانحرافات موجودة في الخارج أيضا. شركة صناعة الصلب البرازيلية، تعرض ديناميكية مماثلة، مع إغراء إضافي من مكاسب العملة الممكنة بالنسبة للذين يعتقدون أن الأسوأ قد انتهى بالنسبة للريال البرازيلي.

لكن مثل هذا الانفصال بين فئات الأصول من غير المرجح أن يستمر للأبد وقد تضاءل بالفعل منذ شباط (فبراير) في بعض الحالات. إذا اعتقد المستثمرون أن أسعار الأسهم هي الصحيحة بشأن توقعات أسعار النفط، عندها من الأفضل شراء السلع الأساسية مباشرة.

من الممكن أيضا أن الأسواق متهاونة فوق الحد بشأن المخاطر التي يفرضها الاحتياطي الفيدرالي على سوق الائتمان. يعتقد بعض المحللين أن تقرير الوظائف الضعيف في الولايات المتحدة ـ مثل تقرير أيار (مايو) ـ والقلق المحيط بخروج بريطانيا الذي منح المسؤولين في "الاحتياطي الفيدرالي" ذريعة لعدم رفع أسعار الفائدة، يصبح من الصعب تبريره كذريعة للتقاعس عن العمل. وعندما يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، فإن الفروق في أسعار الفائدة مع سندات الخزانة يمكن أن تتسع أيضا.

إضافة إلى ذلك، هناك خطر من أن أسواق الائتمان يمكن أن ترى اضطرابات غير متوقعة، مثل المشاكل في شركة ثيرد أفينو مانيجمنت عندما لم يستطع صندوق فوكاسد كريدت التابع لها تلبية طلبات الاسترداد واضطر للحد من عمليات السحب، ومن ثم التصفية في كانون الأول (ديسمبر) الماضي.

في الوقت نفسه، يتم تداول العوائد على بعض السندات بأدنى مستوياتها منذ 60 عاما. ووفقا لبيانات وكالات التصنيف، معدلات الانتعاش تنخفض وحركة تخفيض المرتبة الائتمانية تتفوق على حركة رفعها بوتيرة متسارعة. ويرفع بعض المحللين معدل العجز المتوقع الخاص بهم إلى 7 في المائة للعام المقبل. وعند هذه المستويات هناك هامش ضئيل للغاية فيما يتعلق بالسلامة.

(المصدر: فايننشال تايمز 2016-07-27)