Date : 19,04,2024, Time : 04:09:40 PM
3376 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الجمعة 25 رمضان 1437هـ - 01 يوليو 2016م 01:40 ص

قراءة هادئة في نتائج الاستفتاء البريطاني

قراءة هادئة في نتائج الاستفتاء البريطاني
د. ناصر زيدان

شغلت تداعيات الاستفتاء البريطاني العالم بأسره، ونتائجه التي أسفرت عن انقسام البريطانيين بشكل عمودي على موضوع حساس واستراتيجي، كان لها دلالات مهمة أيضاً. فتأييد الخروج من الاتحاد الأوروبي بنسبة 52% ومعارضة هذا الخروج بنسة 48% وكيفية توزع نسب اعمار ومناطق المقترعين، يحمل مؤشرات متعددة، كما أن السجال الدائر حول، هل كانت النتيجة انتصاراً لبريطانيا وهزيمة للاتحاد الأوروبي، أم أن العكس هو الصحيح، شوشت على ذاكرة الناس والمتابعين.

وفي غمرة الانفعال المبرر الذي أحدثه الزلزال السياسي البريطاني، خرجت مؤلفات من التحليلات والمواقف الأوروبية والدولية والعربية. كان جزءاً منها واقعياً، والجزء الآخر خرج تحت هول الصدمة. وعلى ذلك يمكن تسجيل الملاحظات التالية:

يقتضي بالدرجة الأولى، التمعن في المؤشرات التي حملتها الأرقام. فنسبة تأييد الانسحاب من الاتحاد الأوروبي أقل من 60% وبالتالي فإن التأسيس على 52% من الناخبين البريطانيين لإحداث تغيير جوهري في حياة الأمة، مسألة تحتاج للتمعن - بصرف النظر عن محددات الديمقراطية البريطانية- ومثل هذا الحدث الإنفصالي يرقى إلى أهمية الدستور الذي غالباً ما يتم إقراره بنسبة 60% وما فوق.

ويقتضي بالدرجة الثانية، التوقف عند ردود الفعل الأوروبية. فقمة الدول الست المؤسسة للاتحاد التي اجتمعت في برلين، ودعت بريطانيا إلى الإسراع في تقديم طلب الخروج، وفقاً لما تنص عليه المادة 50 من نظام الاتحاد. وواضح أن البيان فيه شيء من التبسيط لخطوة الخروج البريطانية، من دون التقليل من أهميتها. ولكن تبين ان إرادة الاستمرار في الوحدة الاأوروبية، قائمة، ونستطيع القول: إن الصدمة الأولية تم استيعابها، ولم تؤد إلى ارتجاجات واسعة، بل إن هذه الارتجاجات بدت كأنها تحت السيطرة، وتصريحات قوى اليمين المتشددة، «ومنها العنصرية»، ساهمت في تماسك المعتدلين، أكثر مما وسعت دائرة المتطرفين قومياً.

ولا بد بالدرجة الثالثة، من تسليط الضوء على جردة الربح والخسارة. فالمؤشرات الاقتصادية التي ظهرت حتى الآن، تعطي اريحية لمصلحة الاتحاد الأوروبي، وأن لدى الاتحاد إمكانية لتجاوز قسم كبير من التأثيرات السلبية للخروج البريطاني. فالرافعة الاقتصادية الألمانية، يمكن أن تنهض لتسد جزءاً من الاختلال الذي سيتركه الفراغ البريطاني، بينما تشير الدلائل المنشورة إلى أن الخسائر التي ستصيب الاقتصاد البريطاني، يمكن ألا يستطيع تعويضها بمفرده. وفرنسا من ناحيتها ستكون- حكماً - في وضع يؤهلها لملء مساحة من الفراغ السياسي، نظراً لمكانتها على الساحة الدولية، وبسبب امتلاكها حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، لأن خسارة الفيتو البريطاني سيحدث بعض الاختلال في موازين القوى الدولية، ليست في مصلحة الاتحاد الأوروبي. بالمقابل، فإن بريطانيا قد لا يكفيها التعاطف الأمريكي للحفاظ على مكانتها كدولة عظمى.

وفي سياق الملاحظة الرابعة، لا بد من الاعتراف بأن الخروج البريطاني سيزيد من تنامي حمى التعصب القومي والعرقي والديني. والشوفينية الأوروبية، غنية بالتباهي بالتراث القومي والعرقي- وحتى الديني - وقد سبب ذلك التباهي حروباً مدمرة عدة عبر التاريخ. بالمقابل، فإن بريطانيا امام تحديات ديموغرافية وسياسية واقتصادية جديدة، ذلك على الأقل ما اعترفت به مجموعة كبيرة من سياسييها، ومنهم وزير المالية جورج اوزبورن الذي حذر من خطورة الخروج من الاتحاد الأوروبي، وقال: «إن بريطانيا ستطبق المادة 50 من نظام الاتحاد فقط، عندما تكون جاهزة لذلك». ومن التحديات الصعبة التي تواجه بريطانيا بعد الاستفتاء، الخلافات العاصفة التي حصلت داخل حزب العمال الحاكم، حيث أعلنت 8 شخصيات مهمة من الحزب تمردها على سلطة رئيسه جيرمي كوربين».

مما لا شك فيه أن الأغلبية البسيطة التي صوتت إلى جانب الانفصال البريطاني عن الاتحاد الأوروبي، كانت متأثرة إلى حد كبير بموجة تنامي التعصب في أنحاء العالم، ولاسيما في بعض أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، واليمين المتطرف استفاد من اللحظة السياسية لحصد مكاسب تعزز مواقعه. كما أن الثمن الداخلي الذي يمكن أن تدفعه بريطانيا، سيؤثر في مكانتها الدولية، لأن المجتمع المقسم عمودياً على قضايا وجودية تنخفض نسبة إنتاجيته السياسية والاقتصادية. والتهديدات الانفصالية في اسكوتلندا، وربما في إيرلندا الشمالية، قد تساهم ايضاً في إضعاف المكانة الإمبراطورية «للكومنولث» الذي لا تغيب عنه الشمس.

(المصدر: الخليج 2016-07-01)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد