نهايات لا تلتقي مع بداياتها
هناك شيء ما خطأ في سوق العمل المدني والأهلي تنتج عنه يوميا نتوءات تشوه جهود توطينهما، ولا شك أن معظم المتعاطين مع سوق العمل في القطاعين يعرفون هذا الخطأ، أو جملة الأخطاء، المؤدية لهذه النتيجة التي شوهت مصطلحا معروفا كالبطالة. في تقرير صدر قبل فترة أكدت وزارة الخدمة المدنية عدم تعاون جهات حكومية في توطين وظائف يشغلها أجانب، وطرحت 11 ملحوظة على عدم التعاون هذا، على الضفة الأخرى تعلن الغرف التجارية عن وظائف برواتب مجزية فلا تكاد تصل نسب الإقبال عليها للنصف، أكثر من هذا، وكما صرح وزير الخدمة المدنية، لديهم 190 ألف موظف بالقطاع الخاص يطلبون العمل بالقطاع الحكومي.
تلك ثلاث إشارات متناقضة تكفي واحدة منها لتشويه سوق عمل أية دولة في العالم، فما بالكم وهذا الثالوث يجثم على هيكل سوق عملنا. تقاعس بعض الجهات الحكومية في مسألة التوطين أمر محير، وتحدث تقرير الوزارة عن الجامعات والمؤسسات والهيئات العامة بحجة أنها لا تملك صلاحية التوظيف على وظائفها، وبظني المتواضع أنه عذر واه، فالوزارة تعلم أن السبب الراتب، فأستاذ الجامعة أو حتى الطبيب الأجنبي تضطره ظروفه لقبول رواتب متدنية، والضغط على باب الرواتب والأجور كان قد بدأ مبكرا. أما ما لا عذر للوزارة فيه فاستسهال العمل الحكومي لميوعة نظم المحاسبة والتسيب الحاصل فيه، حتى لا أقول البطالة المقنعة المتفشية فيه.
ولخطورة ممانعة هذه الجهات الحكومية للتوطين، وحتى لا يتخذها القطاع الخاص حجة ومبررا، لا بد لها من وقفة حازمة، تبدأ بالرفع بأسماء هذه الجهات غير المتعاونة لولي الأمر، ولا تنتهي بتسليم الملف لهيئة مكافحة الفساد لمحاسبة، حسنا لنقل مساءلة، هذه الجهات، وإن لزم الأمر تحويل القضية لهيئة الرقابة والتحقيق أو حتى الادعاء العام. أبناؤنا أولى بخير الوطن وأولى بالمساهمة في بنائه، وهذا مبدأ، وليس شعارا، يجب أن يسود في كل الجهات الحكومية قبل مطالبة القطاع الخاص بتوظيف هؤلاء الأبناء. أما قطاعنا الخاص الحبيب، وبرغم أني سبق وقلت فيه ما لم يقله مالك في الخمر، لعلهم يدركون أن الأمان الوظيفي هو ما يفتقده طالبو العمل لديهم والراغبون من العاملين معهم في النقل للقطاع العام، تحسين عقود العمل أولى الخطوات، توفير برامج تدريبية على رأس العمل، شفافية آلية الترقيات وضمان المستقبل الوظيفي، تأمين صحي وتأمين ضد إصابات العمل، لكن وقبل كل شيء الإيمان أولا بأن تقدم ونمو مؤسساتهم وشركاتهم يعتمد على هؤلاء الأبناء فليحرصوا على احتوائهم وتبنيهم.
(المصدر: عكاظ 2016-06-01)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews