Date : 24,04,2024, Time : 07:09:20 PM
2130 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الثلاثاء 16 شعبان 1437هـ - 24 مايو 2016م 03:01 ص

في مفهوم التنمية والدول النامية

في مفهوم التنمية والدول النامية
أحمد فرحات

كُتب الكثير عن مفهوم التنمية والدول النامية، وأغلب الكتابات في الموضوع، حتى على مستوى عالمي، كان طابعه سياسياً أكثر منه تنموياً أو اقتصادياً؛ وأساساً جاءت تسمية "الدول النامية" من بوّابة السياسة.. جاءت كتسمية تجميلية بديلة لـ"الدول المتخلّفة"، أو "دول العالم الثالث"، على حدّ تعبير الفرنسي ألفريد سوفيه، في مقالة صحافية له نشرها في 1952، ويعني بها جملة دول جنوب قارة آسيا وأميركا الوسطى والجنوبية، فضلاً عن سائر دول قارة إفريقيا، باستثناء جمهورية جنوب إفريقيا. وقد ساد مصطلح دول العالم الثالث كالنار في الهشيم في الأدبيات السياسية والاستراتيجية، غرباً وشرقاً، في السنوات والعقود التالية لظهوره، وصولاً إلى اليوم.

إذاً، العالم الثالث هو مصطلح يدلّ على الدول النامية التي لا تنتمي إلى العالميْن الأول والثاني، وهما مجموعة الدول الصناعية المتقدّمة في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية (حتى في ظل الاتحاد الأوروبي اليوم)، ويضيف إليها المفكر وعالم الاقتصاد السياسي الكندي، روبرت ماندل، دولاً أخرى مثل: أستراليا ونيوزيلندا واليابان. وتوصف دول العالم الثالث بالنامية، أي الآخذة في النمو، كونها ذات مستوى معيشي منخفض، مقارنةً بالدول المتقدمة، ولا يستقيم فيها التوازن بين سرعة نمو السكان ودرجة التقدّم الاقتصادي، وتعاني من التخلّف الاقتصادي.

ويشير مصطلح العالم الأول إلى البلدان التي تتمتّع بتطوّر صناعي وتقني كبير، والتي وفّرت حياةً ذات مستوى عال لمواطنيها. وهي دول مثّلت جبهة الرأسمالية العالمية ضد جبهة النظم الشيوعية أو، على الأصح، الاشتراكية في الحرب الباردة.

أما العالم الثاني، فهو مجموعة الدول التي خاضت التجربة الاشتراكية، وعارضت بجدارة المنظومة الفكرية للعالم الأول. إنها تتميّز برفضها ثقافة الليبرالية والرأسمالية المفتوحة أو المتوحشة. كما تتميّز بالمستوى التعليمي فيها، وحجم دولها وقوتها ومشروعاتها العلمية التي تنتظر اكتمال تنفيذها على قاعدة التطوّر المفتوح، والذي يجترحه علماؤها المتميزون، والذين تستعين بهم، بين الفينة والأخرى، حتى المؤسسات العلمية الكبرى في الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

بحسب تقرير صدر أخيراً عن البنك الدولي، يعيش 5 مليارات نسمة من سكان العالم البالغ عددهم ما يزيد عن سبع مليارات نسمة في البلدان النامية. وتنخفض مداخيلهم، في العادة، من دولارين أميركيين في اليوم. وتعيش نسبة كبيرة من السكّان في فقر مدقع (أقل من 1.25 دولار يومياً). وتفيد التقديرات بأن البلدان النامية تفقد سنوياً ما يتراوح بين 20 و40 مليار دولار؛ أو نحو 50 – 100 مليون دولار يومياً، نتيجة الممارسات السياسية والإدارية الهابطة القائمة على الرشوة والابتزاز واختلاس الأموال ومصادرة الممتلكات، وغير ذلك من أعمال الفساد.

"الدول النامية أو المتخلّفة ليست عالماً واحداً أو موحّداً، كما أن شروط التنمية فيها ليست بالضرورة نفسها. وهي ليست متخلّفة أو متقدّمة بالدرجة نفسها"

ويُصنّف البنك الدولي البلدان النامية، أو دول العالم الثالث، على النحو الآتي: البلدان الفقيرة المثقلة بالديون واستحقاقاتها المتزايدة؛ والبلدان المنخفضة الدخل؛ والبلدان الهشّة المتأثرة بالصراعات المرهقة على أنواعها؛ والدول الصغيرة.

وبحسب البنك الدولي، تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إحدى أسرع معدّلات الزيادة السكانية في العالم. وتشكّل الأجزاء الحضرية منها نحو 60%. ومن المتوقع أن يزداد عدد سكان المناطق الحضرية إلى الضعفين، أو الثلاثة أضعاف، في الأعوام الثلاثين المقبلة.

وتشير التقديرات الدولية إلى تعرّض 1.9 مليون نسمة للموت سنوياً، بسبب المياه الملوثة، ونقص خدمات الصرف الصحي؛ فضلاً عن الأمراض الناتجة عن سوء التغذية وفساد الغذاء. ويُشكّل الأطفال تحت سن الخامسة حوالي 90% من تلك الوفيات؛ في وقتٍ يتصدّر الغذاء والمياه قائمة القضايا الأساسية للصحة والتنمية البشرية؛ فلقد واجه حوالي مليار نسمة خطر الجوع في العام 2011، وما يزيد عن المليار في العامين 2014 و2015. وما زال هناك حوالي المليار نسمة أيضاً محرومين من سبل الوصول إلى مصدر مُحسّن للمياه. وتؤلف هذه العناصر مجتمعة ما تسمى دولة نامية. والعالم العربي جزء من منظومة الدول النامية، وتنطبق عليه الشروط والمعايير نفسها. لكن الواقع أن الدولة التي لا تنتمي إلى ما تسمى مجموعة "الدول المتقدمة" هي نامية. والدولة النامية هي الدولة الآسيوية والإفريقية، أو التي تقع في أميركا اللاتينية، وكانت لفترة مستعمرة أو محتلّة، ولم يحقق لها الاستقلال التقدّم حتى اللحظة.

وقد وسّع النظام العالم الجديد الهوّة ما بين الأغنياء والفقراء؛ لكن قضية التخلّف بقيت مرتبطة بعملية التنمية؛ وهي مفهوم حديث يعني إتاحة الظروف المؤاتية للتطوّر الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لإيجاد مجتمع متوازن، تنتفي منه معوّقات التخلّف وأشكاله. وتُعَرّف الأمم المتحدة التنمية بأنها "التمكين والإنصاف والاستدامة في توسيع الخيارات المتاحة للإنسان؛ وهي أبعاد متآزرة لا يمكن فصلها"، غير أن التقدم الكبير الذي شهدته العقود الأخيرة الماضية لم يكن متساوياً بين البلدان، ولا بين الفترات الزمنية، إذ تدهورت الأوضاع، لجهة بعدين أساسيين: الاستدامة البيئية السلبية والفوارق الشاسعة في الدخل.

وفي إطار مكافحة الفقر، كشف تقرير تنموي حديث صادر عن الأمم المتحدة "بإمكاننا إنهاء الفقر" عن إحراز تقدّم فعلي في الأهداف الإنمائية؛ إلاّ أنه، وعلى الرغم من أهميته، بقي دون السقف المتوقّع. وهو يشير إلى أنه، وقبل بداية العام 2016، سيكون هناك أكثر من 620 مليون شخص في العالم يستخدمون مصادر مياه غير مُحَسّنة. وسيبقى الجوع يُشكّل تحديّاً عالمياً، وسيقضي ما يقرب من بليون شخص جرّاء أمراضٍ يمكن الوقاية منها؛ كما ستستمر وفيات الأمهات في أثناء الولادة، ولأسبابٍ بالإمكان تفاديها، وفق معالجاتٍ طبية وعلمية. وسيعاني الأطفال ويموتون من أمراض مختلفة.

باختصار، أحدثت ظاهرة التخلّف والتقدّم ازدواجيةً سوسيولوجيةً صارخة، وطرحت إشكالية صميمية لها علاقة بأسباب تخلّفنا ومظاهر هذا التخلّف، علماً أن الدول النامية أو المتخلّفة ليست عالماً واحداً أو موحّداً، كما أن شروط التنمية فيها ليست بالضرورة نفسها. وهي ليست متخلّفة أو متقدّمة بالدرجة نفسها. هذه الدول هي مجموعة من الشعوب والثقافات. وهي تواجه، منذ عقود، تحديات إنمائية، لن تتحقق إلاّ بتوسيع حريات الشعوب وإمكاناتها، وتقليص الفوارق في ما بينها، وتخفيف حدّة المخاطر البيئية، وإيجاد منهج تفكير متقدّم، وبرامج إصلاحية تطال بنى المجتمع التقليدية وقوى الإنتاج وأدواته.

وثمة قائل إن مصالح الدول الكبرى لا يهمّها أن تُعالج الدول النامية أزماتها في العمق، لأن ذلك سيكون على حساب مصالحها كدول كبرى. ولذلك، هي تقدّم جرعات معيّنة لها، لا تحيي ولا تميت، ولا تحول، بالتالي، دون جعلها، كدول نامية، تسقط في وهدة الدول الفاشلة، حيث تظلّ تتحكّم بها عن بعد.

ولا نحتاج، نحن عربياً، إلى أمثلةٍ عن تحوّل بعض بلداننا إلى دول فاشلة، تدلّ على ذاتها بذاتها، وعلى نحو أكثر سطوعاً هذه الأيام.

(المصدر: العربي الجديد 2016-05-24)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد