العقول الإيطالية تنتصر..ورانييري صاحب أكبر معجزة في كرة القدم الحديثة

جي بي سي نيوز:- لم يعجب فوز ليستر سيتي بقيادة الإيطالي كلاوديو رانييري بعض المتابعين والمهتمين بكرة القدم.. انتقاد تلو انتقاد، الفريق يلعب بطريقة غير جميلة، المدرب يدافع بـ9 لاعبين.

مع تأهل فريق المدرب دييغو سيميوني- الذي صرح بأنه يدين للفضل للكرة الإيطالية- إلى نهائي دوري أبطال أوروبا متفوقا في طريقه على برشلونة ثم بايرن ميونيخ بقيادة الإسبابي بيب غورادويلا، تعالت الأصوات، (الكرة الجميلة خسرت والكرة القبيحة تفوقت).. كما قال أحد لاعبي الفريق الخاسر!

الجمال شيء نسبي، وليس عملية حسابية، إن كنت تفضل الهجوم بالقلاع والأحصنة والفيلة، فإني أستمتع بالدفاع والحذر وانتظار قتل الملك بحركتين فقط.

قال نابليون (خير وسيلة للدفاع الهجوم)، في كرة القدم الإيطالية العكس هو الصحيح، أمر أثبت نجاحه في جل التجارب ومع شتى الأندية الأوروبية.

كارلو أنشيلوتي قاد تشيلسي لثنائية الدوري والكأس كما حقق لأول مرة في تاريخ البلوز كأس الاتحاد الإنجليزي!

أول مرة في تاريخ مانشستر سيتي يحقق فيها لقب الدوري الإنجليزي على يد إيطالي، وأول مرة والوحيدة لتشيلسي ليحقق دوري الأبطال على يد إيطالي أيضا، ومعجزة رانييري مع ليستر لا تحتاج إلى تذكير. 

القتالية روح كرة القدم.. لا للعب الروتيني

رانييري وسمييوني، وأليغري، وقبلهم أنشيلوني وكابيلو، و و و.. هم كرة القدم الحقيقية.. كرة القدم التي لا تعترف بتفوق المنافس لمجرد أنه يمتلك القدرة على تدوير الكرة بأطول وقت ممكن، أو الخسارة بنتائج مخجلة من أجل أن يصفق البعض بحجة (لعبوا كرة قدم جميلة).

بالنسبة للكثير، الجمال الحقيقي بكرة القدم هو العرق المبذول وتحقيق ما يظن البعض أنه المستحيل، وتكدير صفو اللاعبين بتعالٍ.

كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى في العالم، هي شعبية من أجل الطريقة التي يلعب بها سيميوني والتي فاز بها رانييري، هي لعبة الجماهير، اللعب بكل قوة للتغلب على الخصم وليس محاولة إسعاده، لعبة لا تخضع للمنطق.

تابعت كغيري تألق زملاء رياض محرز، المعجزة التي تحققت لا ولن تتكرر، لكن ما يثير الدهشة هو التقليل منها بكذبة "اللعب الجميل"، أي لعب جميل؟ لا أدري، بدا لي أن ليستر هو الفريق الأفضل في البطولة، تنظيم كبير، وصلابة وروح عالية، في النهاية بأقل عدد من اللاعبين فاز رانييري باللقب.

وبالحديث عن رانييري، فتجربته مع فالنسيا- حيث يشاع بأنه لم ينجح- تستحق الذكر، حقق كأس ملك إسبانيا عام 99 بعدما تغلب في طريقه على ريال مدريد بسداسية كاملة، وعلى برشلونة كذلك.. كما لا ينسى أحد كيف قلب المباراة أمام برشلونة بقيادة فان غال من الخسارة 3 لاشيء لفوز تاريخي للخفافيش برباعية.

أما تجربة أنشيلوتي مع ريال مدريد فجعلت الفريق يحصل على دوري أبطال أوروبا بعدما فشل في ذلك لـ12 عاما كاملة.

تحقيق ريال مدريد دوري موسم 2006 كان بسبب عقل فابيو كابيلو الذي انتزع البطولة للفريق بعد أن فشل كل من تعاقب على تدريبه منذ رحيل دي بوسكي عن تحقيق ذلك.. كابيلو حكاية لا يمكن إيجازها في سطور..

من المثير للسخرية أن نسمع انتقادات لمدرب كسيميوني الذي نجح في تحويل فريق بأسماء أقل إلى منافس شرس لريال مدريد وبرشلونة، وبحجة أنه يستقي طريقته من الكرة الإيطالية "القبيحة"!

الداعون للعب بدون تدخلات وأنصار "كذبة اللعبة الجميلة" ربما من الأفضل لهم أن يستمتعوا بلعبة كرة الطائرة، أو الغولف، أما في كرة القدم فالروح القتالية والاحتكاك بالمنافس والشراسة هي الجزأ الأفضل في اللعبة.

أصحاب اللعب الأكاديمي ونسبة التحكم بالكرة بنسب تفوق ال60 بالمائة والذين استعلوا غضبا بسبب تفوق العقول الإيطالية بإمكانات أقل هم أنفسهم المرفهين الذي يصفقون لمباراة يستلم فيها فريق للآخر الأمهر منه في التحكم بالكرة والذين تنتهي مباريات يتابعونها بشغف إلى النهاية بسداسيات وسباعيات.

تابعت إحدى مباريات الدوري الإيطالي مع مشجع ممن تأثروا بطريقة التحكم بالكرة بدون توقف مع عدد التحامات لا يتعدى أصابع اليد الواحدة، فاجأني بقوله: ما هذا الملل، الشوط الأول يكاد ينتهي والدفاع متفوق في الفريقين؟

أجبته: فليكن، لتعرف أن التكتيك المتبع في المباراة هو الأفضل وأن قلة المساحات دليل على جودة المدربين، شاهد لعب أطفال المدارس، ستشاهد في كل هجمة هدفا في الأغلب!

لنكن منصفين، من حق الكل أن يلعب بالطريقة التي تعجبه، ولكن من غير المعقول أن تهاجمني لمجرد أن طريقتي لا تساعدك على النجاح!

فكرت في آرسين فينغر الذي يعتمد من قدم لتدريب آرسنال قبل نحو عشرين عاما خطة هجومية بحتة، والتحكم بالكرة لأطول وقت ممكن، ثم شاهدنا نتائج مخجلة كالخسارة من غريمه مانشستر يونايتد بثمانية أهداف مقابل هدفين، هكذا يفضل البعض أن يشاهد كل المنافسين!

نجاحات لافتة في أرض الإنجليز

بالحديث عن إنجلترا فأذِّكر بأنه لم ينجح أي مدرب إنجليزي في الظفر بالبريميرليغ فيما حقق 3 مدربين طليان هذا الإنجاز.

فوز مانشستر سيتي بأول لقب له في البريميرليغ كان على يد الإيطالي روبيرتو مانشيني الذي نجح في كسر عقدة الجار مانشستر يونايتد والتفوق أخيرا على الجانب الأحمر من المدينة والظفر بلقب دوري غاب عن خزائن 26 عاما.

أما الإيطالي الآخر روبيرتو دي ماتيو فله مع تشيلسي تجربة لن تتكرر بسهولة، فقد خلف البرتغالي أندريه فياش بواش بعد أن خسر الفريق مباراة ذهاب دور ال16 من دوري أبطال أوروبا أمام نابولي 3-1 وبدت الأمور شبه مستحيلة للتغلب على الفارق الكبير.

لكن دي ماتيو نجح في قلب الطاولة وصنع المعجزة فحقق النادي اللندني أول لقب له في تاريخه بالبطولة الأوروبية الأغلى.