الإضراب النفطي والمعالجات المتعقلة
الإضراب الحالي الذي قامت به نقابة عمال شركات النفط التابعة لمؤسسة البترول الوطنية، ليس الأول تاريخياً، ونتمنى أن يكون الأخير. فعندما يكون هنالك مجال مفاوضات، يجب أن توضع في عين الاعتبار المصلحة العامة، وأن حضور أكثر من 10 آلاف عامل، كما تقدرهم المصادر، وجلهم من العمالة الكويتية المدربة، هي رسالة إلى القائمين على القطاع بأن هنالك مطالبات جادة، وهنالك تخوفا وعدم ثقة في القرارات. وعن مدى جدية المضربين ومن خلال ردود الأفعال، نجد أن التصريحات غير المدروسة، خصوصاً في جلب عمالة مؤقتة وفتح باب للمتطوعين، وكأننا نتعامل مع قضية عادية وليست منشآت هامة تعد شريان البلاد، والتلويح بإجراءات قانونية قد تنقض بالمحاكم.
إن عدم وجود خطط مدروسة للتعامل مع أحداث كبرى كهذه هو اختبار للمؤسسات التي تقف على أكتافها الدولة، ولا تزال الذاكرة حاضرة عندما استخفت بعض القيادات النفطية في مجلس 2008 بالتعامل مع المؤسسة التشريعية في الداوكيميكال وكلفنا آنذاك المليارات، ناهيك عن الأزمة السياسية التي تفاقمت بعد ذلك وأدت إلى حل مجلس الأمة وصعود رئيس الوزراء منصة الاستجواب لأول مرة في التاريخ السياسي.
أعتقد أن قضية بهذا الحجم يجب أن يكون هنالك تقدير للأبعاد السياسية والاقتصادية في ظل خسائر يومية تقدر بـ50 مليون دولار، وأبعاد تتعلق بسمعة القطاع بالكامل وهي سمعة بناها الرجال الأولون عبر كفاح طويل ضد الشركات الأجنبية وأدى إلى تأميم النفط، وتبعته بعد ذلك الإدارات المتعاقبة بعضها مسؤول عن قضايا سنتافي وقضايا الناقلات وتهريب الديزل وخسارة الداوكيميكال وغيرها، مما يجعل القطاع النفطي ليس منزها عن الأخطاء والعواقب وأمام مسؤوليات ضخمة أقلها عدم التهاون والتعامل مع المطالب العمالية والعودة للمفاوضات والحلول المرضية لكل الأطراف، فقد تكون الكلفة السياسية أعلى اذا استمرت الحال على ما هي عليه. واللهم فاشهد.
(المصدر: القبس الكويتية 2016-04-20)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews