الخروج من الفقر.. كيف ؟
كل دول العالم ــ بدون استثناء ــ تتحدث عن العدالة الاجتماعية وضرورة تضييق الفارق بين الأغنياء والفقراء سواء على مستوى الدول وبعضها البعض أو على مستوى الأفراد داخل كل مجتمع على حدة.. ولكن الكلام شيء والواقع شيء آخر تماما.
والحقيقة أننى توصلت إلى قناعة تامة بأن أحاديث العدالة الاجتماعية خصوصا على المستوى الدولى ليست سوى مسكنات مهدئة شأنها شأن سياسة المنح والمساعدات التى تتكرم بها الدول الغنية على الدول الفقيرة ولكنها فى نهاية المطاف لا تغنى ولا تسمن من جوع!
وأذكر أننى كتبت هذا المعنى فى نهاية التسعينات وبداية الألفية الحالية عندما كنت أواظب سنويا على حضور المنتدى الاقتصادى العالمى السنوى بمدينة دافوس السويسرية تحت الأمطار والثلوج الكثيفة فى شهر يناير من كل عام.
وقبل أيام صدر عن منظمة «أوكسفام» البريطانية غير الحكومية تقرير بالغ الأهمية مفاده أن الثروات التى جمعها واحد فى المائة من سكان العالم هم أثرى أثرياء هذا الكون ارتفعت بأرصدتهم إلى ما يزيد عما يملكه الــ 99 فى المائة الآخرين من سكان العالم وهو ما يعنى أن الفارق بين المجموعة الأكثر ثراء «1 %» وبقية سكان العالم «99%» قد ازداد عمقا واتساعا خلال الإثنى عشر شهرا الماضية.
ولفت تقرير منظمة أوكسفام البريطانية إلى أن 62 شخصا فقط يملكون الآن ما يساوى ما يملكه النصف الأشد فقرا من سكان العالم فى حين كان الوضع أقل سوءا قبل 5 سنوات عندما كان 388 شخصا يملكون هذا الرقم المخيف... ولم يفت المنظمة أن تطلق تحذيرا قويا للمجتمعين حاليا فى دافوس بأن الوضع بات كارثيا ويحتاج إلى تحرك عاجل لمواجهة هذه الأوضاع حيث لا يمكن أخلاقيا أو سياسيا الاستمرار فى ترك مئات الملايين يعانون الجوع بينما تتكدس وتتراكم الثروات بين يدى بعض الأشخاص فى أعلى السلم.
وأوضح التقرير أنه منذ بداية القرن الحادى والعشرون «15 عاما مضت» حصل النصف الأشد فقرا من العالم على أقل من واحد فى المائة من الزيادة الإجمالية للثروات العالمية فى حين أن الواحد فى المائة من الأكثر ثراء تقاسموا نصف هذه الزيادة... وأرجع التقرير جانبا كبيرا من مسئولية اتساع الفارق بين الأغنياء والفقراء إلى هشاشة النظم الضريبية التى تفاقم الفوارق العالمية وتمنع مئات الملايين من حلم الخروج من الفقر طالما بقيت «جنة الضرائب» التى ينعم بفضلها الأغنياء وحدهم... وسلم لى على العدالة الاجتماعية دوليا ومحليا!
(المصدر: الأهرام 2016-01-23)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews