الشركات العملاقة تتفضّل
كنت في حوار اذاعي مع احد الخبراء الاقتصاديين، وكان موضوعنا يتعلق بخصخصة سوق الكويت للاوراق المالية الذي بات أمراً واقعاً. وقد دار النقاش في محور مهم، الا وهو انعكاس هذا التحول على اداء البورصة وتداولاتها مستقبلاً في ظل هذا التحول، ولان سوق المال في اي دولة بالعالم هو عبارة عن مرآة لوضعها ومكانتها الاقتصادية، فإن هذا التحول هو خطوة بالاتجاه الصحيح.
الحديث كان فنياً وبعيداً عن التغني بهذا الانجاز، لان الامر يتعلق باقتصاد دولة ونشاط مالي سيخضع لقوانين سوق جديدة وفق اللائحة الجديدة المعدلة لهيئة اسواق المال، ومن خلال كل ذلك ستنعكس حركة التداول تحت هذا القانون ومواده.. المهم، فالأمر وما يقلق صغار المستثمرين هو مدى هذا التحول نحو خصخصة البورصة في انعاش السوق المالي المريض جداً، وهل هو قادر على العودة بنشاطه القوي السابق الذي كان عليه قبل عام 2008 على اقل تقدير؟!
من المؤكد ان كل سوق وتداولاته يخضع لمسألة العرض والطلب، بالاضافة الى قوة الاقتصاد المالي للدولة واستقرار الحالة المالية، جميعها عوامل تطمئن المستثمرين لوضع اموالهم بكل ثقة، لكن ما يحدث عندنا هو شكل مغاير؛ فالحالة المالية للدولة جيدة ومستقرة والقوانين تطورت مؤخراً لتنظيم العمل المالي، ونرى من جهة اخرى عزوفاً واضحاً لرؤوس الاموال والمستثمرين الاجانب عن الدخول في سوقنا والاستثمار فيه!
لقد فتحت الدولة ذراعيها للمستثمر الاجنبي وقدمت له كل التسهيلات، لكن الى الآن لم نر دخولا فعليا يتماشى مع كل هذه المميزات، ان صح التعبير، وهو ما يدعو الى التأمل والبحث، فالعديد من المراقبين الاقتصاديين يؤكدون ان الاولى هو جذب المستثمر المحلي الوطني قبل البحث عن المستثمر الاجنبي!
وهذا بالفعل عين الصواب، لان الكويت فيها كثير من رجال الاعمال الذين يملكون رؤوس اموال كبيرة ويستثمرون جزءاً منها في الخارج، وهؤلاء هم من يجب ان تدفعهم الدولة نحو الاستثمار في السوق المحلي وتوفر لهم كل المميزات التي تغريهم لجلب اموالهم من الخارج مع كل الضمانات اللازمة نعرف جيداً ان رأس المال جبان، ولكن لماذا يخاف اذا تم توفير الارضية المناسبة الآمنة له وهذه من مسؤوليات الحكومة، خصوصاً ونحن نمر بمنعطف اقليمي نحتاج فيه كل دينار في الداخل وكل دولار يأتي من الخارج.
ان كثرة القوانين والتشريعات ليس لها معنى اذا لم يصاحبها تحرك واسع وخطة عمل اقتصادية فعلية تنهض بالقطاع الخاص وتجعله شريكا حقيقيا ومساهما فعليا للدولة في مشاريعها، ليست التنموية فقط، بل الاقتصادية والتجارية وفي كل القطاعات الاخرى، وهذا لن يتحقق في ظل الهيمنة الكبيرة للقطاع العام على الاقتصاد وعدم تحريره لكي يواكب اقتصادات المنطقة على اقل تقدير.
من جهة اخرى، وعلى السياق نفسه، نتمنى فعلاً ان تقتحم الشركات الخليجية العملاقة سوقنا المالي قريباً، حيث ستكون بكل تأكيد خطوة نحو انعاشه من جديد، فهذه الشركات تغذي الاسواق الخليجية والعربية بمنتجاتها، وادراجها في البورصة الكويتية سيحقق نقلة نوعية ودفعة متقدمة نحو رفع مستوى التداول ونشاطه وتعزيز ملاءته ومكانته بين البورصات الخليجية والعربية.
(المصدر: القبس 2016-01-22)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews