السعر الأدنى الذي يمكن أن يصل إليه سعر البترول
سعر البترول الذي يهم الدول المصدرة للبترول ليس هو سعر اليوم أو اليومين أو الثلاثة أيام. ولا سعر الاسبوع او الاسبوعين او الثلاثة أسابيع، ولا حتى سعر الشهر أو الشهرين أو الثلاثة شهور وانما الذي يهم الدول المصدرة للبترول هو السعر السنوي للبترول.
الذي نريد ان نؤكده ان السعر السنوي للبترول (وهو الذي يهم الدول المصدرة) سواء لهذا العام 2015 أو للأعوام التي تليه في المستقبل المنظور لن ينخفض الى أقل من 50 دولارا للبرميل لسبب بسيط هو رغم انه قد يكون صحيحا ان التكاليف التشغيلية لإنتاج جميع انواع السوائل البترولية (التقليدية، وغير التقليدية، وحتى الاصطناعية) قد تكون أقل من 40 وربما أقل من 30 دولارا للبرميل.
لكن بقاء متوسط السعر عند 50 – 45 دولارا للبرميل لمدة سنة سيؤدي الى امتناع بعض المنتجين عن استبدال رؤوس أموالهم الثابتة بعد استهلاكها لأنه عند اضافة تكاليف استبدالها الى التكاليف التشغيلية قد تصل التكاليف الكلية لبعض المنتجين الحديّين الى 75 – 85 دولارا للبرميل.
هذه المقدمة التي توحي بأن سعر القاع السنوي للبترول أصبح لا يقل عن 50 دولارا للبرميل تكشف لنا ان التحليلات الرديئة لأسواق البترول لا تقتصر على بعض المحللين الرديئين لدينا الذين يعتقدون ان سعر البترول يمكن ان يعود لعصر قبل عام 2001 (القرن الماضي) فينخفض الى 20 دولارا للبرميل بل يوجد أيضا محللون غربيون لا تقل ان لم تزد تحليلاتهم رداءة عن رداءة تحليلات بعض المحللين لدينا.
يجب التمييز بين تصنيفات التكاليف فبعض التكاليف سيتحملها المنتج سواء أنتج بضاعته او قفل مصنعه كليا ولم ينتج شيئا منها وهذه التكاليف على نوعين:
أولها تسمى تكاليف غارقة sunk cost وهي لا يمكن استعادتها حتى لو توقف الإنتاج كليا مثل تكاليف التنقيب والاستكشاف وحفر الآبار والتمديدات.
وثانيهما كذلك توجد تكاليف أخرى تسمى تكاليف ثابتة fixed cost وهي تكاليف لا تتغير بتغير كمية الإنتاج فسواء تم تشغيل المصنع بكامل طاقته او توقف عن الإنتاج سيكون مقدارها ثابتا مثل تسديد أقساط قيمة الأجهزة والآلات والمعدات والمباني والمنشآت.
يجب أن نعرف أيضا اختلاف تأثير كل نوع من التكاليف على اتخاذ المنتجين قرار الاستمرار (أي مواصلة) الإنتاج أو خفضه أو التوقف عنه. ففي المدى القصير (سنة مثلا) فان المنتج سيستمر في انتاجه رغم خسارته إذا كان يستطيع ان يغطي تكاليفه التشغيلية (كأجور العمال) وجزء ولو صغير جدا من تكاليفه الثابتة ولكن في المدى الطويل (أكثر من سنة) فإن انتاجه سينخفض تدريجيا ثم قد يتوقف عن الإنتاج كليا إذا طال الزمان لأنه لن يصون أو يستبدل رأس ماله الثابت عند استهلاكه كي لا تتراكم خسائره.
خاتمة: يجب ان نعرف انه من الخطأ الكبير ان يتصرف منتج مادة ناضبة (كالبترول) كما يتصرف منتجو المواد المتجددة (كالسيارات) الى اخراج منافسيه ذوي التكاليف العالية من السوق عن طريق زيادة انتاجه لأنه حتى لو نجح في تحقيق أهدافه وأخرجهم موقتا من السوق فان بضاعتهم ستبقى سليمة مصونة في مخازنها جاهزة للعودة أقوى مما كانت حينما ترتفع الأسعار وحتما سيكون هو الخاسر في نهاية المطاف بتقصير عمر مورده الناضب وتطويل عمر مواردهم.
(المصدر: الرياض 2015-05-03)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews